حسام كنفانيبعد أيام على مبادرة الحوار الداخلي التي أطلقها الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإنهاء الانقسام والجلوس مع «حماس» على طاولة المفاوضات، لا يبدو أن أشياء كثيرة تغيّرت، بل على العكس، فإن تعقيدات جديدة ظهرت، ولا سيما في ما يخص داخل منظمة التحرير.
وحتى لقاء «استعادة الثقة»، الذي استضافته السنغال بين ممثلي «فتح» و«حماس»، لم يكن كفيلاً بإطلاق آلية حوار أو حتى كسر الجليد بين الحركتين، ولا سيما أن مدير مكتب «حماس» في لبنان، أسامة حمدان، خرج أمس ليعلن «فشل حوار دكار» ويتّهم الرئيس محمود عباس بعدم الجديّة في دعوته إلى الحوار. وقال إن وفد «فتح» إلى دكار لم يحمل معه جديداً، وإن «المواقف القديمة على حالها».
ورغم أن حمدان لم يفسر عبارة «المواقف القديمة على حالها»، إلا أنه واضح أن عدم ذكر أبو مازن للشروط المعتادة في خطابه، ومنها «إنهاء الانقلاب» وإعادة الأوضاع في غزة إلى ما كانت عليه قبل 14 حزيران، لم تعن سقوطها من أولويات السلطة الفلسطينية. ورغم غيابها من الخطاب العلني، إلا أنها بقيت حاضرة بقوة في اللقاءات الثنائية وحتى خلف الأبواب المغلقة لاجتماعات حركة «فتح».
الأجواء هذه كفيلة بشرح تراجع الحماسة لدى مسؤولي الحركة الإسلاميّة تجاه مبادرة عبّاس، الذي يبدو أنه أيضاً يعاني داخليّاً في تسويق مبادرته داخل «فتح» ومنظمة التحرير، ولا سيما أن أصواتاً من الحركة خرجت لتؤكّد شروط عباس السابقة، وإن كان هو لا يريدها ولم يعلنها.
وإضافة إلى «فتح»، فإن عثرة جديدة تبدو في منظمة التحرير، التي يطالب أعضاؤها بأن يكونوا مشمولين في الحوار الداخلي، وألا يكون مقتصراً على «فتح» و«حماس» على غرار اتفاق مكة في شباط من العام الماضي. الخلافات ظهرت خلال الاجتماع الأوّل للجنة متابعة دعوة الحوار، التي شهدت بداية اعتراضات على تمثيل الفصائل في المنظمة، ولا سيما أن بعض الفصائل تمثلت في أكثر من شخص، وهو ما أثار استنكار نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، عبد الرحيم ملّوح.
ورغم القفز فوق عثرة التمثيل، لم يتم التوافق بالإجماع على التصوّر للحوار المرتقب، وإن جرى التوصل إلى مجموعة من النقاط، أبرزها أن تكون صيغة الحوار هي حوار وطني شامل يجري بين الفصائل، التي شاركت في حوار القاهرة عام 2005، وليس حواراً بين «فتح» و«حماس». مثل هذه الصيغة لا تحظى بقبول لدى الحركة الإسلامية، التي ترى أن الخلاف هو مع «فتح» حصراً.
كما توصلت اللجنة إلى أن يكون هدف الحوار تنفيذ المبادرة اليمنية بكافة عناصرها وكما أقرتها القمة العربية في دمشق. وشدّدت على صيغة الرعاية العربية للحوار عبر اللجنة التي أقرها مجلس وزراء الخارجية العرب، وصادقت عليها قمة دمشق، لتضم مصر والسعودية وسوريا والأردن واليمن.
ومن المعلوم أن تأليف هذه اللجنة في الوقت الحالي هو معضلة بحد ذاته في ظل الخلافات التي تعتري العلاقات العربيّة ـــــ العربيّة، ما يربط أي مصالحة فلسطينية ـــــ فلسطينية بتصفية الأجواء العربيّة، وهو ما لا يبدو متاحاً في الوقت الحالي.