باريس ــ الأخبارجلس الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، وإلى يمينه كل من الرئيس الأفغاني حامد قرضاي والسيدة الأميركية الأولى لورا بوش، وإلى يساره وزير خارجيته برنار كوشنير والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. صورة ستبقى طويلاً في الأذهان، إذ ركّزت عليها وسائل الإعلام بشكل لافت خلال جلسة افتتاح المؤتمر الدولي الثالث لدعم أفغانستان في باريس. قاعة قصر المؤتمرات في العاصمة الفرنسيّة غصت بممثلين عن ٨٠ دولة ومنظمة دولية، وتميزت نقاشاتها، كما باتت الحال في المؤتمرات الدولية، بـ«فصل تام ومحكم» عن ممثّلي الصحافة، رغم أنّ الحضور الصحافي لم يكن بالزخم الذي توقّعه المنظمون. ملاحظة برّرها أحد العاملين في قصر المؤتمرات بقوله «عندما لا يتعلق الأمر بالشرق الأوسط يخف الزخم الإعلامي».
وضعت حكومة قرضاي قبل حضورها «خطة تنمية» تبلغ تكاليفها ٥٠ مليار دولار. إلا أنّ السؤال يبقى: ما سبب طلب هذا المبلغ فيما يتفق الجميع على أن ١٠ مليارات باقية من المؤتمرات السابقة لم تصرف حتى الآن؟
طرحت «الأخبار» هذا السؤال على أحد نواب مدينة روزكان وديت (جنوب شرقي أفغانستان)، عبد المجيد زلماي، فأكّد أنّ مبلغ ٥٠ مليار دولار يتضمّن قسماً كبيراً من أموال ظلّت وعوداً لم تصرف من جانب الدول المانحة. ولا يتردد النائب الأفغاني في الاعتراف «بوجود هدر وسرقات على جميع المستويات حتى داخل الحكومة»، وهو برأيه يمكن أن يؤخر، ما يطالب به ساركوزي من «أفغنة إدارة المعونات».
وفي السياق، يقول زلماي إنّ «إمساك الأفغان بزمام إدارة المساعدات لا يمكن أن يحصل قبل سنة على أقل تقدير». أمّا بالنسبة إلى خروج القوات الدولية، فهو يرى أنّ الحديث عن الأمر «مبكر جداً»، وهو ما يؤكده بعض المقربين من الممثل الخاص للأمين العام كاي إيدي.
وتحدث مصدر مقرب جداً من الرئاسة الأفغانية لـ«الأخبار» عن أسباب «فشل خطط التنمية التي وضعها الغرب» لجعل أفغانستان «نموذجاً في المنطقة»، موضحاً أنّ المشكلة في أفغانستان «مؤلّفة من نقاط تكوّن مفاصل ضعف طروحات الغرب لمعالجة ما بعد انهيار نظام طالبان». ويشير بعض المراقبين إلى عبارة وردت في كلمة الرئيس الفرنسي بقوله إنّ أفغانستان كانت «رهينة نظام يمثّل نقيض قيم الإسلام ومرتبط بالإرهاب»، وأنّه نظام «لا علاقة للإسلام به». وبعدما دعا إلى مساعدة حكومة قرضاي، صرّح بنبرة قوية «لسنا استعماريّين ولا مبشّرين، فهذه الأيام ولّت».
ويرى البعض في هذه التأكيدات، «انتقادات غير مباشرة لتصرّف قوات بعض الدول التي شاركت في السنوات الأولى في الحرب على الإرهاب» ومحاولاتها فرض نمط معين للنمو، إضافةً إلى الأخطاء التي ترتكبها بشكل شبه يومي القوات الأميركية.
ويتفق أكثر من ناشط في المنظّمات الإنسانية العاملة على الأرض أنّ هناك بعض السبل البسيطة لتسهيل حياة الأفغان، ويعطون على هذا الصعيد، مثالاً على غياب مياه الشفة ونظم الري عن معظم القرى الأفغانية، رغم أنّ البعض يفصح عن أنّ تكلفة تأمين نظام مائي صحي لأي قرية لا تتعدّى ٢٠ ألف يورو.
أمّا عن الأسباب وراء عدم وصول هذه المبالغ وتحقّق هذه المشاريع، فيختصر أبرزها خبير أفغاني بالتالي: الفساد الحكومي، والترابط بينه وبين زراعة الأفيون التي عادت بقوة ليس فقط في عقر دار «طالبان»، بل أيضاً في شرق البلاد حيث القوات الأطلسية.