القاهرة ــ خالد محمود رمضاناستمر أمس الغموض في شأن طبيعة وحقيقية جهود الوساطة التي تبذلها ليبيا لإصلاح ذات البين في العلاقات المصرية ــــ السورية، حيث قال مسؤول سوري رفيع المستوى لـ«الأخبار» إن دمشق لا تعرف شيئاً عن فحوى هذه الوساطة، فيما رأى مسؤول مصري أنه لا مشكلة بين مصر وسوريا تستدعي وساطة أي جهة عربية. في المقابل، قال دبلوماسي ليبي إن الوساطة «لا تزال محلّك سرّ» بين الرئيس المصري حسني مبارك ونظيره السوري بشار الأسد، منذ إخفاقها في إقناع الرئيس المصري بالمشاركة في القمة العربية التي استضافتها دمشق في شهر آذار الماضي.
وجاءت هذه المواقف رغم أن أحمد قذاف الدم، ابن عم الزعيم الليبي معمر القذافي ومنسّق العلاقات المصرية ــــ الليبية، قد أبلغ صحيفة تونسية أمس أن الوساطة التي تقوم بها بلاده لإزالة التوتر الذي يسود العلاقات بين سوريا ومصر لا تزال متواصلة. وأضاف «إن الأخوّة العربيّة يجب أن تسود كل العلاقات العربية، وعلى كل مستوياتها». ودعا إلى ضرورة إزالة الحدود، التي وصفها بأنها «وهمية ومصطنعة»، والتي تفصل بين الدول العربية.
وتردد أخيراً أن ليبيا بذلت جهوداً للتقريب بين مبارك والأسد، في محاولة لتطبيع العلاقات بين البلدين التي يسودها نوع من الفتور بسبب موقف سوريا من الأزمة اللبنانية. ويشار إلى أن أحمد قذاف الدم هو الذي قام بهذه الوساطة، حيث زار القاهرة ودمشق مبعوثاً خاصاً من القذافي، فيما أعلن المتحدث باسم الرئاسة المصرية، سليمان عواد، «أن العلاقات بين القاهرة ودمشق ليست في أفضل حالاتها». واعترف الناطق المصري بوجود خلافات بين بلاده وسوريا على قضايا عديدة، أبرزها المسألة اللبنانية ورؤية التعامل مع القضية الفلسطينية، فيما تتوقع مصادر عربية عدم حدوث أي تطور إيجابي في العلاقات المصرية ــــ السورية خلال المرحلة الحالية.
وكان يفترض أن يشارك مبارك في القمة التشاورية المصغّرة بشأن مشروع «الاتحاد من أجل المتوسط» التي عقدت في العاصمة الليبية أخيراً، والتي حضرها، إلى جانب قادة دول اتحاد المغرب العربي، الرئيس الأسد. وقالت مصر لاحقاً إن ازدحام جدول مبارك ومواعيده حال دون حضوره القمة، التي رأت أنها مغاربية محضة، رغم أن تسريبات أشارت إلى أن الرئيس المصري رفض المشاركة لتفادي الاجتماع مع الأسد، كما كان يخطط القذافي.
وكانت العلاقات المصرية ــــ السورية والسورية ــــ السعودية قد توترت بعدما وصف الأسد قادة مصر والسعودية والأردن بأنهم أنصاف أو أشباه رجال، على خلفية تباين المواقف بين الدول الأربعة خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006.
وفيما تؤكد مصادر مصرية أن القاهرة تجاوزت هذه العقبة حرصاً على إبقاء علاقاتها مفتوحة مع دمشق، فإن مصادر عربية تعتقد في المقابل أن القاهرة تصطف إلى جانب الرياض في رفضها أي محاولة سورية للمصالحة أو أي جهود عربية للوساطة.