شهيرة سلّومإنّها حرب الانتخابات الرئاسية الأميركية. من يربحها لن يحكم خمسين ولاية أميركية فقط، بل سيتحكّم أيضاً في عالم على شفير الهاوية. ومعاركها ستستنفد جميع الأسلحة، وأشدّها تأثيراً «الشائعات»، التي تهدف إلى التأثير بالناخب. لكنّها شائعات تُثير حيرة من يراقب «انتخابات الدولة الديموقراطية الأولى في العالم». المرشح الديموقراطي، باراك أوباما، أسود أفريقي ومن جذور إسلامية، ما يجعل منه نموذجاً كاملاً لحياكة الشائعات ضدّه. والهدف إظهاره في صورة كل ما يخافه الأميركي «الأبيض»: «مسلم، أسود، وأفريقي» أي «إرهابي، سوقي، غير وطني»، رغم مشروعه المفعم بالتغيير والثورة.
وعلى أبواب المعركة الكبرى للانتخابات الرئاسية العامة، التي ستجري في تشرين الثاني، يعلم المرشح الأسود ما ينتظره، لذلك ارتأت حملته الانتخابية إطلاق حملة «مكافحة الشائعات» من خلال إنشاء موقع إلكتروني www.fightthesmears.com يسمح لمناصري أوباما الردّ على ما يسمعونه من ادّعاءات وشائعات في الإعلام أو من خلال الرسائل الإلكترونية التي يتلقّونها مباشرة و«نشر الحقيقة».
الشائعة الأولى تقول: أوباما مسلم، وارتاد مدرسة أصولية إسلامية، وأقسم اليمين في مجلس الشيوخ على القرآن. الموقع يدحض ذلك بالتأكيد على أن أوباما «لم يكن يوماً مسلماً، ولم يتربّ كمسلم ويعتنق المسيحية». ثم يعرض شريطاً مصوّراً لمدرسته وأساتذة يتحدّثون عن انتمائه الديني، وصورة له يُدلي اليمين واضعاً يده على الإنجيل.
الثانية: أوباما ليس وطني المنشأ. تسقط الشائعة بإظهار صورة عن شهادة ميلاده، ومعلومات عن تاريخ ولادته (1961) ومكانه (هاواي) وأصله (أفريقي) وفصله، وتبريرات قانونية (أصبحت هاواي ولاية أميركية عام 1959، بموجب التعديل الدستوري الـ14: الفصل الأول) بشأن المواطنة الأميركية لأوباما.
الثالثة: أوباما لم يُعلن تعهد الولاء أمام مجلس الشيوخ، ولم يضع يده على قلبه أثناء قوله العهد، فيطلُّ عليك شريط مصوّر، يُكذّب الشائعة.
الرابعة: كُتب أوباما تحتوي على ملاحظات وإشارات عنصرية قوية. هذه الشائعة انتشرت عبر البريد الإلكتروني مع عرض أجزاء من كتاباته تدلُّ على العنصرية والتعصّب، لكنّها اقتطعت بطريقة تُشوّه معناها الحقيقي أو تعكسه في بعض الأحيان. جمل تتعلّق «بعلاقته مع المسلمين» و«أصوله» حين يتحدّث عن «والده، الأسود ابن أفريقيا، الذي يأخذ من صفات مارتن لوثر كينغ، ومانديلا، ومالكوم، ودوبوس»، واستخدامه صفة «البيض»، فيعرض الموقع النص الكامل الذي تُعرض فيه الجملة كي يظهر المقصد والحيثيات.
الخامسة: مرتبطة بزوجته «السوداء»، وتقول إنّ ميشيل أوباما ذكرت كلمة whitey، التي تُشير إلى وصف عنصري، خلال منبر في كنيسة الثالوث المتحّد عام 2004، وهناك شريط مسجّل يؤكّد المعلومة. فتظهر الحقيقة التي تُثبت عدم صحة ما يُقال وعدم وجود شريط مسجّل.
قد لا تكون الشائعات مُفاجِئة إن كان المرشّح في دولة عالم «ثالثية»، لكن ليس في الولايات المتحدة، التي تتباهى بحقوق الإنسان. وفي دولة لعنت ماضيها «العنصري» واعتذرت. «مضمون» تلك الشائعات العنصرية يفضح الديموقراطية الأميركية.