حيفا ــ فراس خطيبمرَّ ما يقارب ثلاثة أعوام على المجزرة التي نفذّها الإرهابي الإسرائيلي نتان زادة بحقّ فلسطينيّي 48، وأدَّت حينها إلى سقوط أربعة شهداء من مدينة شفاعمرو، وجرح آخرين. لكنَّ المؤسسة الإسرائيلية مصمّمة على رشّ الملح على جرح لم يندمل، وهي مستمرة في نهجها للوم الضحية. فبعد اعتقال سبعة شبان بتهمة قتل الإرهابي بعد العملية، وإطلاق سراحهم بعد استنفاد كل الأدوات لتجريمهم، استدعت الشرطة الإسرائيلية بالأمس 12 شاباً من شفاعمرو لجلسات استماع تمهيداً لتقديم لوائح اتهام ضدّهم بتهم تتعلق بمقتل زادة.
وقالت وسائل الإعلام العبرية إنَّ النيابة العامة الإسرائيلية لن توجه تهماً بالقتل أو القتل غير المتعمّد ضدّ الشبّان، لكنها ستقدم لوائح اتهام متعلقة «بالعنف».
يُذكَر أن زادة اعتلى حافلة للركاب في آب عام 2005، كانت في طريقها إلى مدينة شفاعمرو، مرتدياً الزي العسكري وجلس على أحد المقاعد. وعندما وصلت الحافلة إلى قلب المدينة، بدأ بإطلاق النار داخلها ما أدى الى استشهاد الشقيقتين دينا وهزار تركي، إضافة إلى نادر حايك وسائق الحافلة ميشال بحوث.
وفي خضم تنفيذ جريمته، انقضّ أهالي شفاعمرو على زادة وتصدوا له، ما أدى الى مقتله. ومنذ ذلك الحين، تسعى السلطات الإسرائيلية إلى معاقبة الضحية.
وستبدأ اللجنة الشعبية لشفاعمرو بإعادة نشاطها للتصدي لقرار السلطات. ومن المتوقع أن تعقد جلسة اليوم لتبحث آخر التطورات واتخاذ خطوات جدية في أعقاب قرار النيابة العامّة الإسرائيلية استدعاء الشبان العرب. وأوضح أعضاء اللجنة أنهم «لن يتركوا الشبان الشفاعمريين وحيدين».
وقال والد الشهيدتين هزار ودينا، عادل تركي، إنّه إذا أرادت النيابة الإسرائيلية أن تحقق مرة أخرى، فعليها «التحقيق مع وزير الدفاع وقائد الشرطة في شفاعمرو في ذلك الحين وكل المسؤولين الآخرين في البلاد، الذين منحوا السلاح للجندي، ومن بعدها فقط عليهم التحقيق مع أهالي شفاعمرو».
وعقّب رئيس الكتلة البرلمانية للتجمع الوطني الديموقراطي، جمال زحالقة، على قرار القضاء الإسرائيلي بالقول: «مرة أخرى يتهمون الضحية. الشرطة لم تبذل جهداً للتحقيق مع من وقف وراء الإرهابي زادة ومن وجّهه، فهو لم يهبط من المريخ وإنما جاء من بيئة داعمة تعشّش فيها العنصرية والكراهية للعرب، فهو ابن شرعي للعنصرية الإسرائيلية». وأضاف أنه «إذا جرى تقديم الشباب للمحاكمة فسيكون ردّ الفعل غاضباً وعاصفاً لدى الجمهور العربي». وبرّر زحالقة تحذيره بالإشارة إلى أن المسألة ليست قضية شخصية تتعلق بـ12 شاباً شفاعمرياً بل هي قضية الجمهور العربي بأسره الذي يعاني العنصرية الإسرائيلية.
بدوره، أوضح رئيس الجبهة الديموقراطية، محمد بركة، ابن مدينة شفاعمرو، أنّ النيابة العامّة التي «أغلقت ملفات قتلة أبنائنا عام 2000»، «هي نفسها التي قرَّرت تقديم لوائح اتهام ضد الضحية في شفاعمرو، فكل العالم يعرف أن أهالي هذه المدينة كانوا الهدف والضحية لتلك المجزرة الإرهابية، ولكن النيابة تصر على محاكمة الضحية ما دامت عربية».