أكّدا دعمهما لـ«اتّفاق الدوحة» ولـ«علاقة دبلوماسيّة كاملة» و«حسن جوار» بين بيروت ودمشق بسّام الطيارةخمسة أسئلة وجّهها خمسة صحافيين محظوظون تناولوا خمسة مواضيع «محدّدة مسبّقاً» لتتوّج المؤتمر الصحافي للرئيس الأميركي جورج بوش ونظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي في القاعة المذهّبة في قصر الإليزيه أول من أمس.
شارك بوش وساركوزي في الإجابة عن أربعة من الأسئلة، التي تمحورت حول دعوة الرئيس السوري بشار الأسد إلى حضور احتفالات العيد الوطني الفرنسي والموقف العام من إيران والعراق وأخيراً العلاقات بين الدولتين، بينما انفرد ساركوزي بالإجابة عن سؤال عن رفض إيرلندا الدستور الأوروبي. وكاد الملف الفلسطيني وتوسع الاستيطان أن يظل في خفاء العجلة ونقص الوقت، لولا أن انتزع صحافي عربي الميكروفون فيما كان بوش يهمّ بنزع سماعة الترجمة الفورية. إلا أنه كان من الصعب إخفاء تمحور المؤتمر حول «سوريا وإيران».
وبعد جردة حساب من جانب ساركوزي لواقع العلاقات بين البلدين، التي وصفها بالتاريخية، أقر بإمكان «الاختلاف بين الحلفاء» ووصفه بـ «الأمر العادي» وأن «الصداقة والتحالف لا يمنعان فرنسا من تحديد موقفها بشكل مستقل». ووصف المناقشات بأنها «معمّقة» وطاولت ملفات عديدة.
بدوره، وصف بوش ساركوزي بأنه «رجل مثير للاهتمام» وأنه فتن بزوجته الجديدة كارلا بروني وأنه «يفهم سبب زواجه بها». وشكر أيضاً فرنسا لدعمها أفغانستان عبر المؤتمر الأخير قائلاً «إن له تأثيراً كبيراً على الديموقراطية الوليدة».
وأضاف بوش، في رده على السؤال الأول عن سلة الحوافز التي حملها خافيير سولانا إلى طهران، «أشعر بخيبة أمل لأن الزعماء الإيرانيين رفضوا هذا العرض الكريم على الفور»، مضيفاً «إن هذه إشارة إلى أن القيادة الإيرانية مستعدة لزيادة عزلة مواطنيها». ووافقه ساركوزي في الرأي قائلاً «إن حصول إيران على قنبلة نووية هو أمر غير مقبول»، واستطرد «وخصوصاً في ظل التصريحات المتكررة لرئيسها»، وأن الجواب عن عدم وقف التخصيب يكون «سلسلة إجراءات عقابية حازمة لا تصدّع فيها»، في إشارة إلى ضرورة تماسك المجتمع الدولي.
وكان بوش قد وصف إمكان حصول إيران على قنبلة نووية بأنه «عامل زعزعة للاستقرار بصورة لا تصدق». وقال إن زعماء العالم «يفهمون أنها ستكون ضربة كبيرة للسلام العالمي».
وبرّر ساركوزي دعوة الرئيس السوري إلى قمة المتوسط بقوله «على حد علمي أن سوريا دولة تقع على البحر المتوسط». واستطرد «أبلغت السيد بشار الأسد بأنه إذا سمحت سوريا للعملية الرئاسية (اللبنانية) بالمضي في مسارها فسنستأنف الاتصالات. وقد استأنفنا الاتصالات». ولكنه دعا دمشق إلى الابتعاد عن طهران، وقال «ينبغي أن تنأى سوريا بنفسها بقدر الإمكان عن إيران في سعيها من أجل الحصول على سلاح نووي». وأشار إلى إمكان متابعة الانفتاح في العلاقات بقوله «بدءاً من هذه اللحظة العملية ستتواصل».
واتفق بوش في الرأي مع ساركوزي على أنه ينبغي لسوريا أن تقطع علاقاتها مع إيران، قائلاً «رسالتي ستكون: كفّوا عن التعامل مع الإيرانيين وكفّوا عن إيواء الإرهابيين». وأضاف إنه يتعين على سوريا أن توضح لحلفائها الإيرانيين أن الغرب جادّ عندما يتحدث عن «منعهم من تعلّم تقنية التخصيب وهي الخطوة الأولى والأساسية لتطوير قنبلة». ودعا سوريا إلى «أن تقول لحماس أن تتوقّف عن الإرهاب». كما طالبها أيضاً بدعوة «حزب الله إلى الكف عن أداء دور قوة عدم استقرار في لبنان وفي المنطقة».
وفي بيان مشترك في ختام القمّة، دعت فرنسا والولايات المتحدة لبنان وسوريا الى إقامة علاقات دبلوماسية «كاملة» و«علاقات حسن جوار» مبنية على«الأمن» و«السيادة». وقال البيان «نرى أن من المهم أن يسارع سوريا ولبنان إلى إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بينهما بما يخدم مصلحة علاقات حسن الجوار التي نود قيامها بين البلدين على أساس الاحترام والمساواة والأمن والسيادة».
وتابع البيان «ندعو بإلحاح إلى تطبيق كل قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بلبنان بحسن نية وإلى دعم التحقيق الدولي وإقامة محكمة خاصة» لمقاضاة المتهمين في اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وأكدت فرنسا والولايات المتحدة دعمهما «لاتفاق الدوحة وأهدافه»، وعبّرتا عن «إشادتهما بقطر والجامعة العربية على جهودهما التي تكلّلت بالنجاح».
وكانت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس قد أعربت عن قناعتها، قبل مغادرة فرنسا إلى إسرائيل، بأن باريس ستبلغ دمشق «الرسالة الجيدة» خلال الاتصالات المقبلة مع الرئيس السوري. وقالت «الفرنسيون ونحن متفقون تماماً على مسألة الوضع في لبنان كما بدا في البيان المشترك للرئيسين بوش وساركوزي».
وتطرّق بوش، خلال المؤتمر الصحافي، إلى الشأن العراقي بقوله «نحن هناك بناءً على دعوة من العراقيين». وشدّد على أنه سيتوصل إلى اتفاق بشأن معاهدة طويلة الأجل تضمن بقاء الجيش الأميركي، وهو ما تمتعض منه باريس، حسبما صرح لــ «الأخبار» مصدر دبلوماسي رفيع الشأن، مذكّراً بفقدان فرنسا «كل عقودها التجارية مع العراق» بسبب معارضتها للغزو الأميركي.
وانتقل بوش، أمس، من باريس إلى لندن التي ستكون محطته الأخيرة في جولته الوداعية لأوروبا. والتقى الرئيس الأميركي رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون. وذكر دبلوماسيون أن العراق سيكون في صدارة المباحثات، ولا سيما مع إعلان لندن رغبتها الانسحاب من بلاد الرافدين.
ونفى البيت الأبيض أن يكون بوش قد «حذّر» براون من مخاطر الانسحاب المبكر لقواته من العراق، كما ذكرت صحيفة «الأوبزرفر» البريطانية، التي عنونت على صفحتها الأولى «بوش يحذر براون من مشاريعه لسحب القوات».
وقال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية إن «المفهوم القائل بأن الرئيس قد يكون وجه تحذيراً إلى رئيس الوزراء براون هو سخيف».


غيان وليفيت يسلّمان الأسد رسالة من ساركوزي

دمشق ــ الأخبار
تسلّم الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، رسالة من الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي، حملها الأمين العام لرئاسة الجمهورية الفرنسية كلود غيان والمستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي جان دافيد ليفيت.
وقال بيان رئاسي سوري إنه جرى خلال «اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وتطورات الوضع في منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما في لبنان وعملية السلام، وخصوصاً على المسار السوري الإسرائيلي ومبادرة مشروع الاتحاد من أجل المتوسط».
ووصف البيان الرئاسي المحادثات بأنها كانت «مفيدة وبنّاءة وعكست اتفاق وجهات نظر الطرفين إزاء ضرورة تعزيز العلاقات الثنائية السورية ــــ الفرنسية بما يخدم مصالح البلدين وأهمية مواصلة بذل الجهود والتعاون والتنسيق بينهما لتحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة». وأضاف إن الجانبين الفرنسي والسوري «أكدا ضرورة استمرار حث اللبنانيين على تنفيذ اتفاق الدوحة».
بدورها، أعلنت الرئاسة الفرنسية، في بيان لها، أن موفدي ساركوزي أجريا محادثات «مفيدة وبنّاءة» ولا سيما بشأن لبنان. وجاء في البيان الصادر عن قصر الإليزيه أن «الطرفين اتفقا على ضرورة توطيد العلاقة الثنائية الفرنسية ــــ السورية ومواصلة جهود التنسيق بين الطرفين من أجل إحلال سلام عادل وشامل في المنطقة والاستمرار في تشجيع اللبنانيين على تطبيق اتفاق الدوحة».