توتّرت العلاقات الباكستانيّة ــ الأفغانيّة بشكل غير مسبوق ومفاجئ في اليومين الماضيين. ويبدو أنّ تبعات التحدّي الكلامي الذي أطلقه الرئيس الأفغاني حميد قرضاي، مرشّحة للتصعيد. فغداة شرعنة قرضاي ملاحقة قوات بلاده لـ«الإرهابيين» داخل الأراضي الباكستانيّة، ردّت الجارة الكبيرة لأفغانستان على هذا التحدّي رسميّاً وشعبيّاً. ردّة الفعل الأولى عبّر عنها وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي، الذي استنكر تصريح الرئيس الأفغاني، فيما استدعت وزارة الخارجية سفير كابول أنور أنور زئي للاحتجاج.ونقلت وكالة «أسوشييتد برس الباكستانية» الرسمية عن قرشي قوله «إنّ من الأمر المؤسف أن يقال تصريح كهذا في الوقت الذي توافق فيه الجانبان على رصّ الصفوف في الحرب على الإرهاب». وبتهديد مقابل لا يقلّ حدّة عن كلام قرضاي، أشار قرشي إلى أنّ باكستان «ستدافع عن سيادة أراضيها»، مضيفاً أنه «سيكون من الضروري بشكل أكبر أن تمتنع أفغانستان عن القيام بتصريحات فيها تهديدات غير مسؤولة».
وكان قرضاي قد وجّه أول من أمس تحذيراً قوياً إلى باكستان، مشيراً إلى أن للقوات الأفغانية الحق في عبور الحدود إلى داخل هذا البلد لملاحقة الميليشيات التي تشن هجمات داخل الأراضي الأفغانية.
وفي السياق، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية، محمد صادق، أن وزارته استدعت السفير الأفغاني «للاحتجاج بقوّة» على تصريح قرضاي. وأضاف: «نأمل ألا يكون الأمر تكراراً للعبة الصغيرة التي تمارسها أفغانستان وتكمن في التنصل من مسؤولياتها عبر اتهام الآخرين». وأوضح أنّ باكستان تقرّ «بوضوح» بضرورة وحق الجيش الأفغاني والقوات الدولية في «تنفيذ عمليات عسكرية» في أفغانستان، لكن القوات الباكستانية هي الوحيدة المطلقة اليد داخل الأراضي الباكستانية.
في المقابل، أدّت تصريحات قرضاي إلى استنفار بعض الأفغان إلى جانب رئيس بلادهم، فتظاهر نحو الفي شخص في شرق البلاد دعماً له. وأشار المتحدث باسم حاكم ولاية باكتيكا غاماي خان محمديار إلى أنّ التجمع ضمّ عدداً من الزعماء القبليين ورجال دين ولاية باكتيكا المتاخمة لباكستان.
وتخلّلت التظاهرات، التي امتدّت إلى مناطق أفغانية حدودية أخرى، شعارات معادية للبلد الجار على اعتبار أنّ عناصر «طالبان» الباكستانية «يأتون من باكستان».
ومعروف أنّ منطقة وزيرستان الباكستانيّة المحاذية لأفغانستان، تُعَدّ الخزّان البشري لمقاتلي «طالبان» و«القاعدة»، ومثّلت هذه النقطة مادّة خلافيّة بين إسلام أباد وكابول منذ احتلال أفغانستان في عام 2001، وخصوصاً في ظلّ الاتفاقات العديدة، العلنيّة والسرية منها التي أبرمتها السلطات الباكستانية مع فصائل تدور في فلك «القاعدة» و«طالبان». «صفقات» هدفت إسلام أباد من خلالها إلى مهادنة الإسلاميين لتلافي خطرهم على نظام برويز مشرّف.
كما يتبادل البلدان الجاران المتحالفان مع الولايات المتحدة في «حربها على الإرهاب» الاتهامات على الدوام؛ فكابول ترى أنّ إسلام أباد تغضّ الطرف عن مخابئ «طالبان» و«القاعدة» في مناطق القبائل. في المقابل، تؤكد إسلام أباد أن كابول وواشنطن عجزتا عن احتواء مقاتلي «طالبان»، فدفعتا بهم إلى باكستان في ظل حدود يصعب التحكم فيها.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)