strong>في ظل صمت سوري، أكدت كلّ من تركيا وإسرائيل الأجواء الإيجابية التي سادت جولة المحادثات غير المباشرة بين دمشق وتل أبيب في اليومين الماضيين، فيما وجّه ناظر القرار الدولي 1559، تيري رود لارسن، انتقادات شديدة لاستئناف المفاوضات بين الدولتين، مشيراً إلى أنه يمنح سوريا جائزة مجانية
قال وزير الخارجية التركي علي باباجان، أمس، إن الجانبين الإسرائيلي والسوري خرجا «مرتاحين للغاية» من جولة المحادثات غير المباشرة التي جمعتهما في تركيا خلال الأيام الماضية، معلناً عقد جولتين جديدتين بينهما في تموز.
وقال باباجان، خلال مؤتمر صحافي في لوكسمبورغ، «الأهم أننا حددنا تاريخاً للاجتماعين المقبلين في شهر تموز، وخرج الطرفان من هذه المفاوضات مرتاحين للغاية من المنحى الذي اتخذته». وأضاف «تطرّقنا إلى تفاصيل معقدة إلى حدّ ما»، من دون أن يحددها.
وحرص الوزير التركي على عدم «إثارة آمال كبرى»، لافتاً إلى أنه كان «من الصعب إدارة هذه المفاوضات غير المباشرة، ولو أنها أقل تعقيداً من المفاوضات الإسرائيلية ــــ الفلسطينية». وأوضح أن «المواضيع المطروحة حساسة لدى الرأي العام في البلدين، ويجب أن تعالج بالدقة اللازمة». وعبّر باباجان عن ارتياحه لأن تركيا تتمتع «بثقة» الجانبين في هذه المفاوضات. وأضاف «ما دمنا نرى أن هناك أملاً في السلام، فسنشارك في هذه العملية، وبكل تأكيد يجب أن يرغب الطرفان في ذلك».
وذكرت مصادر في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، أن المفاوضين الإسرائيليين المكلّفين إجراء محادثات مع سوريا، يورام طوربوفيتش وشالوم ترجمان، أبلغا أولمرت في ختام جولة المفاوضات بأنه «جرى تكرار الرغبة المشتركة في مواصلة التقدم في المحادثات، وتم الاتفاق على مواصلة عقد لقاءات ثابتة، وتحديد موعدين آخرين للالتقاء في الأسابيع القريبة المقبلة».
وبحسب المصادر نفسها، فإن طوربوفيتش وتورجمان أبلغا أولمرت بأن أجواء المحادثات كانت إيجابية وبنّاءة.
ونقلت تقارير إعلامية عبرية عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنهم يعتقدون أن المفاوضات بين الجانبين ستصبح في الفترة القريبة مباشرة ومن دون وسطاء. وذكرت صحيفة «معاريف» أن هناك «محاولات جسّ نبض لإجراء مبادرات طيبة متبادلة تدل على جدية النيّات من جانب السوريين». وأوضحت أن إحدى هذه المبادرات يمكن أن تكون لقاءً بين أولمرت والرئيس السوري بشار الأسد، أو حتى مصافحة بينهما. وقالت الصحيفة إن قصر الإليزيه يمارس ضغوطاً على الزعيمين المتوقع أن يزورا باريس الأسبوع المقبل للمشاركة في مؤتمر الاتحاد المتوسطي للقيام بخطوة من هذا النوع.
وفي إشارة ضمنية إلى موافقة أولمرت المسبقة على خطوة كهذه، نقلت «معاريف» عن مسؤول إسرائيلي قوله إن «رئيس الوزراء سيسرّه لقاء أي زعيم عربي مستعد لإجراء مفاوضات للسلام، والأسد ليس استثناءً في هذا الشأن».
رغم ذلك، استبعدت مصادر أخرى استعداد الرئيس السوري للإقدام على خطوة كهذه في الوقت الراهن «لأنها ستُعدّ بادرة حسن نيّة لا سابقة لها إزاء رئيس الحكومة».
من جهة أخرى، وجّه تيري رود لارسن انتقادات شديدة لاستئناف المفاوضات الإسرائيلية السورية، وذلك خلال محادثات أجراها مع دبلوماسيين إسرائيليين الأسبوع الماضي.
وذكرت صحيفة «هآرتس»، أمس، أن برقية سرية أرسلتها البعثة الإسرائيلية في الأمم المتحدة إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية نقلت عن لارسن قوله إن «سوريا تحصل على شرعية دولية مجاناً»، وأن «أوروبا تغازل سوريا بسبب المفاوضات مع إسرائيل، ولم يعد السوريون مطالبون بإعطاء شيء في مقابل ذلك».
ورأى لارسن أن «إسرائيل منحت سوريا هدية كبيرة من دون الحصول على أي مقابل حتى الآن».
ولفتت «هآرتس» إلى أن لارسن يحمل أفكاراً سلبية للغاية عن الرئيس الأسد بدعوى تدخّل سوريا في الشؤون اللبنانية الداخلية. كما يتهم دمشق بأنها وراء اغتيال الرئيس رفيق الحريري، رغم أن المحكمة الدولية بهذا الخصوص لم تثبت ذلك حتى الآن.
وبحسب «هآرتس»، فإن موقف لارسن ينسجم مع موقف وزارة الخارجية الإسرائيلية التي «عبّرت عن قلقها من أن المحادثات الإسرائيلية ــــ السورية أدّت إلى حدوث تغيّر في تعامل دول أوروبية مع سوريا»، مشيرة في هذا السياق إلى «خطوات أوروبية خصوصاً لإخراج دمشق من عزلتها الدولية».
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي)