أزمة القطاع الزراعي تشتعل مجدّداً في الأرجنتين
بول الأشقروشهدت ليلة الاثنين ـــ الثلاثاء انتشار ظاهرة «الكاسيرولازو»، أي الطرق على الطناجر، في عدد كبير من المدن، بينها العاصمة بوينس آيرس. وبدأت مشكلات التموين، وخصوصاً في مجال الطاقة، تتضخّم في محافظات الداخل.
ومن المرتقب أن تصل الأزمة اليوم إلى ذروتها مع قيام تجمعين كبيرين في العاصمة: الأول متضامن مع الاعتراض الزراعي لتكريس ثلاثة أيام من التحركات المعترضة «على قمع التحرك». والآخر مؤيد للحكومة، والتحقت به النقابة العمالية النافذة في الأرجنتين، التي دعت إلى إضراب عام ليوم واحد.
بعد مئة يوم من التحركات رافقتها بعض الجولات التفاوضية، عادت أزمة القطاع الزراعي في الأرجنتين إلى النقطة صفر. والأدق إلى النقطة التي انطلقت منها في آذار الماضي عندما أقرّ وزير المالية مارتين لوستو فرض ضرائب جديدة على مصدّري الحبوب، في محاولة متعددة الأهداف لإعادة هيكلة القطاع وتأمين السوق الداخلية وتوفير موارد جديدة لتوزيعات الدولة الاجتماعية من القطاعات التي تحقق أرباحاً باهظة في مرحلة ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
ورغم إقالة وزير المالية وفتح المفاوضات مع المزارعين، بقيت الأزمة قائمة، والطرفان يراهنان على الوقت لتغليب موقفهما. فتح المزارعون الطرق ولكنهم بقوا مستنفرين بالقرب منها، في ما صار أطول نزاع زراعي عرفته الأرجنتين في تاريخها. وفي الأسابيع الأخيرة، نجحوا في استقطاب نقابة شحن الحبوب، ما أعطى للتحرك نفساً جديداً، فيما ترفض الحكومة التخلي عن قرارها الأصلي لأنه قد يشوّه صورة الرئيسة كريستينا كيرشنير في بداية ولايتها، وهي تفاوض فقط لإعطاء بعض التعويضات حسب القطاعات.
تدهور مجدداً الوضع نهار السبت عندما تدخلت الشرطة لفتح إحدى الطرق الأساسية، واعتقلت 18 شخصاً، بينهم أحد زعماء التحرك الزراعي. وفي الليلة نفسها، بدأت تحركات «الكاسيرولازو» التي تريد أن توحي، وبذلك الكثير من المبالغة، بقيام أزمة اقتصادية شبيهة بتلك التي حدثت عام 2001 والتي كانت بمثابة انهيار اقتصادي، ما أدى إلى استبدال ثلاثة رؤساء جمهورية بأقل من شهر.
هذه المرة، ما هو مطروح أضيق: من طرف المزارعين، ينقسم الحلفاء بين المطالبين بإعادة فتح المفاوضات لسحب القرار المذكور والذين يريدون أن يلقنوا «الزوج كيرشنير» درساً في السياسة. من جهة الحكومة، الانقسام أقوى بين المطالبين بمواجهة قاسية والناصحين بالانحناء أمام العاصفة بدلاً من التصادم معها، وبمزيد من التفاوض وبإلغاء التجمع الموالي.
قبل شهر، انتخب نيستور كيرشنير رئيساً للحزب البيروني الأكبر في محاولة لتحديثه، وأيضاً ليكون في الخندق الأمامي للدفاع عن رئاسة زوجته كريستينا. نزوله إلى الشارع نهار السبت يناسب الاعتبار الثاني أكثر منه الأول. وإذا نجحت في نهاية المطاف مفاعيل الأزمة الحالية في تهميش كيرشنير داخل حزبه، تكون الأزمة الزراعية ألحقت ضرراً عميقاً بصورة «الزوج كيرشنير». أمام كريستينا 24 ساعة لتداركها.