حسام كنفانيمع إنجاز التهدئة في قطاع غزة، تبقى عقدة الحوار الداخلي معلّقة في ظل المواقف الملتبسة للأطراف، رغم دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، والحديث عن قرب استضافة القاهرة طاولة حواريّة فلسطينيّة. وإذا كان هناك من استبشر خيراً من لقاء «حماس» و«فتح» في العاصمة السنغاليّة دكار، فإن ما رشح بعد ذلك لا يوحي بأن أجواء الحوار تسير على خير ما يرام، وخصوصاً أن لقاء دكار، وإن جاء بعد دعوة عباس مباشرة، إلا أنه لم يكن مقرّراً، ويمكن القول إنه كان بمثابة «حيلة» من الرئيس السنغالي لمحاولة إحداث خرق على المسار الداخلي الفلسطيني.
إلا أن المحاولة سقطت في الفشل، على غرار محاولات كثيرة سابقة. فبعد أكثر من أسبوعين على لقاء «استعادة الثقة»، بحسب البيان الصادر عن الأطراف الثلاثة في السنغال، إلا أن أي معطيات لم تظهر لهذه «الاستعادة»، بل يمكن القول إن الأجواء ازدادت تعقيداً، وخصوصاً بعد الاتهامات بعدم الجديّة التي ساقها مدير مكتب «حماس» في بيروت أسامة حمدان ضدّ الرئيس محمود عبّاس، ما يشير إلى أن أجواء دكار معاكسة تماماً لما ورد في البيان الثلاثي.
ماذا حدث في دكار؟
تؤكّد مصادر فلسطينيّة مطلعة على أجواء الزيارة أنها «تمت بناء على دعوة من الرئيس السنغالي عبد الله واد للرئيس محمود عباس». وتشير إلى أن الدعوة كانت تنص على «إرسال وفد من فتح إلى السنغال، ولم تتضمّن تبليغاً بأنه سيكون هناك أيضاً وفد من حماس». وتضيف أن الوفد «الفتحاوي» علم، قبل يومين من الزيارة، أن وفداً من «حماس» من سبعة أعضاء في طريقه إلى دكار. وتابعت أنه «تبين لاحقاً أن الوفد من عضوين وخمسة حراس».
وأوضحت المصادر أن الرئيس السنغالي أبلغ الوفد «الفتحاوي» أن مبادرته نابعة من رغبته بالتوسط في مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين بناءً على دعوة الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز. وأضاف واد أن بيريز كان قد طلب، قبل سنوات، أثناء حصار الزعيم الراحل ياسر عرفات، التوسط في الصراع الفلسطيني ــــ الإسرائيلي، إلا أن الرئيس السنغالي اعتذر آنذاك بسبب الحصار المفروض على عرفات. وأن بيريز أعاد الطلب في الآونة الأخيرة.
وتشير المصادر إلى أن مبادرة الرئيس السنغالي لجمع «حماس» و«فتح» انطلقت على أساس أنه «لا يمكن لوساطة في الصراع الفلسطيني ــــ الإسرائيلي أن تحصل من دون مصالحة فلسطينية داخلية». إلا أن محاولته للمصالحة الداخلية سقطت عند أعتاب الشروط المتبادلة، إذ إنه اقترح إجراء تعديلات على المبادرة اليمنية لجعلها مقبولة على «حماس»، التي تطلب اعتماد «إعلان صنعاء» كأساس للحوار.
أمام تشبث كل من الطرفين برأيه، طلب واد من الطرفين تقديم مطالبهما. وتشير المصادر إلى أن رئيس وفد «فتح» حكمت زيد طالب بثلاث نقاط: «الاعتراف بشرعية الرئيس محمود عباس والمراسيم التي أصدرها. الطلب إلى الرئيس تأليف حكومة انتقالية لمدة ستة أشهر تحضّر خلالها لإجراء انتخابات للرئاسة والمجلس التشريعي والمجلس الوطني في آن معاً. الإشراف على الحوار والتنفيذ من جانب المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية».
إلا أن وفد «حماس» رفض النقاط على أساس أن الاعتراف بشرعية الرئيس أمر مفروغ منه «لكن مراسيمه غير قانونية». وشدّد على أن حكومة إسماعيل هنيّة هي وحدها الحكومة الشرعية. وطالب بحكومة توافق وطني أو حكومة وحدة وطنية تتألف وفق نسب التمثيل في المجلس التشريعي، على أن يُحدّد موعد الانتخابات بالتوافق. كما رفض الوفد «الحمساوي» إجراء انتخابات المجلس الوطني إلا بعد إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية.
وتضيف المصادر أنه مع «تعذّر التوصل إلى أي اتفاق، اقترح الرئيس السنغالي مسودة بيان مشترك، إلا أن القسم الأكبر منه رفض، وبقيت نقاط خالية من أي مضمون سياسي».