أولمرت يحذِّر «حماس» من تضييع «الفرصة الأخيرة» ومفاوضات تبادل الأسرى خلال أيّام رائد لافي القاهرة ــ خالد محمود رمضان
عاش الفلسطينيون يوماً من الهدوء لم يعتادوه منذ فترة طويلة، مع دخول التهدئة بين حركة «حماس» ودولة الاحتلال الإسرائيلي صباح أمس حيز التنفيذ، بعدما سبقها بساعة واحدة استشهاد مقاوم من «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، في قصف إسرائيلي، في وقت كذبت فيه القاهرة ادعاءات إسرائيلية بمطالبتها نشر قوات عربية في غزّة، وذلك قبيل إعلان عقد لقاء بين رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت والرئيس المصري حسني مبارك الثلاثاء المقبل.
والتزمت فصائل المقاومة الفلسطينية بالتهدئة، وامتنعت عن إطلاق أي صاروخ أو قذيفة تجاه المواقع العسكرية والبلدات الإسرائيلية المتاخمة للقطاع. في المقابل، اختفت الطائرات الحربية الإسرائيلية من الأجواء ولم تسجل عمليات إطلاق نار على امتداد الحدود الفاصلة بين غزة وفلسطين المحتلة عام 48. غير أن فصائل المقاومة، التي أكدت التزامها بالتهدئة، هددت برد قاس على أي خرق إسرائيلي. وقالت «كتائب القسّام» إنها «جاهزة لتوجيه ضربة عسكرية تهزّ دولة الكيان الصهيوني إذا لم يلتزم العدو كل بنود التهدئة المتفق عليها».
وقبل نحو ساعة واحدة من دخول التهدئة حيز التنفيذ، استشهد المقاوم من «كتائب القسام» رامي أبو سويرح وأصيب اثنان آخران بجروح متوسطة، في قصف جوي إسرائيلي في منطقة جحر الديك شرق مخيم البريج للاجئين وسط القطاع.
وهذه هي التهدئة الرابعة منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في 28 أيلول 2000، لكنها الأولى التي تكون فيها حركة «حماس» طرفاً رئيسياً.
ومن المقرر بموجب اتفاق التهدئة أن تبدأ الدولة العبرية في فتح المعابر التجارية تدريجياً لنقل البضائع إلى القطاع ابتداءً من يوم الأحد المقبل. كما سمحت سلطات الاحتلال بدخول كمية محدودة من الوقود، ما عدا البنزين إلى القطاع عبر معبر «ناحل عوز» شرق مدينة غزة.
وقال رئيس الوزراء المقال، إسماعيل هنية، إن التهدئة قد تكون مبعث «ارتياح للإسرائيليين الذين يعانون من القصف من غزة. لكن حماس أوضحت أنها لن تكف عن تدريب مقاتليها وتسليحهم، وهي مستعدة لاستئناف الهجمات».
في المقابل، حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت حركة «حماس» من أن «التهدئة هي الفرصة الأخيرة» للحركة الإسلامية لتجنب هجوم عسكري إسرائيلي آخر على قطاع غزة. ورأى، في مقابلة مع صحيفة «سيدني مورنينغ هيرالد» الأوسترالية، أن «مؤيدي حماس وشعب غزة طفح بهما الكيل من حماس بعد سنوات من العنف».
في هذا الوقت، أعلن مكتب الرئاسة المصرية توجه أولمرت إلى مصر الأسبوع المقبل لإجراء محادثات مع مبارك. وأضاف أن الزعيمين «اتفقا قبل أسبوعين على اللقاء لمناقشة عدد من المسائل الإقليمية والعلاقات الثنائية».
وقبل هذه القمة، سيصل مسؤول ملف الأسرى الإسرائيليين، عوفر ديكل، إلى القاهرة لتجديد المفاوضات مع رئيس جهاز المخابرات المصرية عمر سليمان، لإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط. وقال مسؤولون إسرائيليون إن إعادة فتح معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر رهن باتفاق على إطلاق شاليط.
في المقابل، نفت القاهرة صحة تقارير إسرائيلية عن طلب مصري لإرسال قوات عربية مشتركة إلى غزة.
وفي السياق، أعلن المنسّق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري، أن محادثات التهدئة «يمكن أن تخلق الأحوال المواتية لنشر قوات حفظ سلام من الأمم المتحدة في قطاع غزة»، موضحاً أن «فكرة إرسال القوات سابق لأوانه في هذه المرحلة».
أما في الداخل الإسرائيلي، فتبدو الساحة السياسية بين وزير الدفاع إيهود باراك وأولمرت عاصفة ما بعد التهدئة. وأوضحت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن مقربي أولمرت «غاضبون» من تصرفات باراك باعتباره أحرز التهدئة من دون أن يبلور أولمرت موقفه.
وقال مقربون من أولمرت إن «رئيس الحكومة هو من سعى لإنجاز التهدئة، وباراك في المقابل سعى للقرار من دون مشاركة المجلس الوزاري المصغر، قائلاً لأولمرت: تعال كي لا نذهب للمجلس الوزاري، أنا وأنت وتسيبي ليفني، سنتخذ قراراً للتهدئة. إلاّ أن أولمرت رفض».
إلى ذلك، حمل والد جلعاد شاليط، نعوم، بعنف على أولمرت في مقابلة نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» مقاطع منها. إذ رأى أن «مصالح خاصة» تحكم حكومة رئيس الوزراء التي وصفها بأنها مثل «جمهوريات الموز»، متهماً أولمرت «بالتخلي» عن ابنه.