باريس ــ بسّام الطيارةتشهد باريس «معركة تحضير» لقمة الاتحاد من أجل المتوسط، تفوق حدتها حدة ما يمكن أن تشهده القمة من «اجتماع الأضداد» تحت سقفها. يحدث كل هذا والاجتماع التحضيري في الثالث من تموز لا يزال في طور «طرح المشاريع على المشاركين» والاستماع إلى «المشاريع المضادة».
ويرى البعض أن زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى إسرائيل الأسبوع المقبل (٢٢ و٢٣) تدخل ضمن التحضيرات للقمة، التي فقدت الكثير من طابعها «الاحتفالي بوصول صديق لإسرائيل إلى الإليزيه»، وباتت في نظر كثيرين «أداة ضغط في يد ساركوزي».
وفي هذا الإطار، بدأت تتصاعد بعض علامات «الضيق من صديق إسرائيل» كما ذكر لـ«الأخبار» مصدر فرنسي محسوب أنه مؤيد للدولة العبرية. ويتابع المصدر أن الرئيس السابق «جاك شيراك، الذي كان يتباهى بعلاقاته العربية، لم يكن بحاجة إلى الذهاب ضد مصالح إسرائيل»، بينما ساركوزي الذي جاهر «بحبه» للدولة العبرية مضطر للبرهنة على أنه «صديق ضمن حدود معينة»، ومن هنا «النظرة السلبية» للسلطات الإسرائيلية إلى سياسة ساركوزي، من دعوة العقيد معمر «القذافي إلى باريس» إلى الاستقبال المرتقب للرئيس السوري، مروراً بمجموعة الزيارات التي قام بها إلى الدول العربية إلى جانب كم المبادرات التي أخذت من دون «مشورة أصدقائه».
وفي ظل هذه الأجواء، أقام وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير وليمة عشاء في الكي دورسيه على شرف وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك. وعلمت «الأخبار» أن مجموعة «اهتمامات المنطقة» كانت على طاولة العشاء من «مصير مزارع شبعا إلى النووي الإيراني». وحسب التسريبات، يبدو أن تل أبيب قد أبلغت باريس «انفتاحها على إيجاد حل لمسألة شبعا». وتوقعت بعض المصادر أن تضع الدبلوماسية الفرنسية هذا الملف على طاولة «الاجتماع التحضيري» لقمة المتوسط. إلا أن مصادر عربية ذكرت لـ«الأخبار» أن العقبات التي تؤخر حسم الملف ليست فقط «تفصيلية، بل هيكلية». إلا أن عدداً من الخبراء يقولون إن «ساركوزي سوف يعود من جولته ببعض الحلول»، ومنها وضع المزارع أمانة في «عهدة الأمم المتحدة مع حزمة مشاريع تقام فيها يمكن أن ترضي جميع الأطراف».
وفي رد على انتقادات دعوة الأسد، قالت مصادر مقربة من كوشنير «إن إسرائيل تفاوض سوريا، وتطالب بمفاوضات مباشرة». وتساءلت: «فهل على فرنسا أن تكون إسرائيلية أكثر من الإسرائيليين؟».
ورغم رفض الدبلوماسية الفرنسية تأكيد أو نفي «العمل على جمع الرئيس السوري ورئيس الوزراء الإسرائيلي» خلال القمة، إلا أن مصدراً مقرّباً من ملف التحضيرات قال لـ«الأخبار»: «إننا نعمل على ترتيب لقاء». وتابع: «يوجد أمل كبير بالنجاح إذا حضر بشّار الأسد».
وأكد أكثر من مصدر أن الملف الفلسطيني كان حاضراً أيضاً وبقوة على طاولة كوشنير ـــــ باراك. وقال أحد الدبلوماسيين الأوروبيين إن «خلاصة ما توصل إليه الفرنسيون مع باراك هو أن أنابوليس قد قضي أمره وبات كأنه لم يكن»، وأن باريس مستعدة لأداء دور أكبر بعد تبوئها سدة رئاسة الاتحاد الأوروبي وأن الضغط على إسرائيل سوف يكون لإعطاء دور أكبر لأوروبا في مجموعة ملفات، على أن تكون المكافأة «إشراك إسرائيل في هيكلية أوروبية قوية» عبر مجموعة اتفاقات تبحث حالياً في بروكسل.
وأكد مصدر دبلوماسي لـ«الأخبار» أن الاتفاقات التي تلوح في بروكسل «نوع من سلة تحفيزات» لدفع إسرائيل للقبول بعدد من التنازلات من مزارع شبعا إلى رفع حصار غزة، مروراً بالجولان. إنها القطيعة الساركوزية بانتظار الانتخابات الأميركية.