بول الأشقر في الواقع، كان المقصود من خلال هذا الإعلان أيضاً معالجة الشرخ الذي كان قد بدأ يتسلل إلى صفوفها بين مؤيدي الحوار وأنصار المواجهة مع التحرك الزراعي. ونجحت إلى حدّ ما في مبتغاها، إذ شارك في اليوم التالي في الحشد الجماهيري تقريباً جميع حكام المحافظات البيرونيين ونائب الرئيس، الذين كانوا قد أعربوا عن تفضيلهم الخيار الأول.
أما المرة الثانية، فكانت بالذات في الحشد الذي دعا إليه زوجها الرئيس السابق للجمهورية نيستور كيرشنير، الرئيس الحالي للحزب البيروني. هذه المرة، كان الخطاب موجهاً إلى قاعدتها الإنتخابية: «أربعة أشخاص (رؤساء المؤسسات الزراعية) لم ينتخبهم أحد يريدون أن يتحكّموا بحقّنا في التنقّل». وأيضاً لقاعدتها الاجتماعية حيث ركّزت على «الذين يحقّقون أرباحاً باهظة ولا يريدون الإسهام في ضمان وصول الأغذية إلى مائدة الأرجنتينيين».
إثر ذلك، قرّرت المؤسسات الريفية تمديد إضرابها حتى يوم الجمعة، فيما نقابة شحن الحبوب مستمرة في قطع الطرق في إطار الصراع الاجتماعي السياسي الذي أستكمل أمس المئة يوم. ويبدو أن كلاً من الطرفين مصرّ على الإيحاء أن الكلمة الأخيرة في الشارع كانت لمصلحته في ما سمّاه أحد المعلّقين الكبار في الأرجنتين «تراجعات ترتدي بزّة الانتصارات».
لكن القرار الحكومي الذي تحوّل الآن إلى مشروع قانون، وصل إلى أدراج الكونغرس، وستبدأ مناقشته الأسبوع المقبل على الورق، أعطى الموالاة أكثرية مريحة في المجلسين. بيد أن الحركة الزراعية تراهن على وقع التحرّك في المحافظات. وقد أعلنت الرئيسة أنها «بالمرصاد للنوّاب والشيوخ الذين سيقترعون ضد مصالحنا، وقد انتخبوا بأصواتنا». وهي تحاول أن تبقى مستنفرة خلال المناقشات في محاولة للضغط على أصوات المشرّعين.
يبقى أن التسوية ـــــ إذا كان هناك من تسوية ـــــ لم تتبلور بعد، والحكومة مصرّة على مشروعها المتاح للكونغرس ردّه أو إقراره. فقط المعارضة السياسية تبدو مرتّاحة لتطور الأحداث وتراهن على النقاشات البرلمانية لإسماع صوتها. وتعدّ نفسها منتصرة، لأن الصراع المديد أظهر للعلن برأيها «عناد الزوجين كيرشنير اللذي كان بإمكانه منذ مئة يوم التوفير على البلد كل هذه الخسائر والصراعات». كما أنه أربك الرئيسة كريستينا في بداية ولايتها وعمَّق الشرخ بينها وبين الطبقات الوسطى، ونقله من العاصمة، حيث كان محصوراً، إلى عدد كبير من المحافظات، بما فيها المعاقل البيرونية.