رئيس الوزراء التشيكي لا يراهن بـ 4 يورو على قبول برلمانه «معاهدة لشبونة» تنازل اضطرّ المسؤولون الأوروبيون إلى إدخاله في فقرة أخيرة في نهاية نصّ البيان الختامي الذي عُدّل مرتين تحت الضغط التشيكي والألماني والسلوفيني.
ولم تكن حقيقة أن نسبة التضخّم الذي أصاب الأسعار في الدول التي تستخدم اليورو عملة لها، وصل إلى النسبة الأعلى منذ 16 سنة، كافية لكي يعطي الزعماء هذا الموضوع الأهمية الكبيرة، إذ اكتفوا بتذييل النصّ الختامي بعبارات إنشائيّة من باب رفع العتب تدعو الدول الأعضاء إلى «اتخاذ خطوات مؤقتة وقصيرة المدى لدعم الفئات الشعبية الأقل اقتداراً لمواجهة ارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية».
وأعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، في ختام اجتماع القادة، أنّهم قرروا «مواصلة» عملية المصادقة على «معاهدة لشبونة» بالرغم من رفضها في إيرلندا. وقال ساركوزي، الذي ستتولى بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي مطلع الشهر المقبل، «قررنا أن عملية المصادقة يجب أن تستمر في كل الدول الأعضاء، وهذا هو الآن موقف المجلس» الأوروبي. وحذّر الرئيس الفرنسي من أنّ توسيع الاتحاد ليضمّ دولاً جديدة لن يتمّ قبل أن إيجاد «حلّ للمشكلة التي تسبّب بها الإيرلنديون». وأضاف أنّ «إيرلندا مشكلة، ولكن إذا حدثت مشكلة ثانية أو ثالثة فسيصبح الأمر صعباً جداً» في إشارة إلى الرفض التشيكي المحتمل للمعاهدة.
وفي السياق، بدا المسؤولون التشيكيون متشائمين جداً من احتمال قبول نوابهم النصّ المعروض. وظهر التشاؤم في كلام كل من رئيس الوزراء ميريك توبولانيك ووزير خارجيته كارل شفارزنبرغ. فالأوّل، ورغم أنه من أنصار «المعاهدة»، بدا كأنه ينعاها، مذكّراً بأنّه سبق ووقّع عليها وأنه لا ينوي التراجع عن توقيعه، لكنه استدرك وشدّد على أنه لن يسعى «إلى إجبار النواب على الموافقة على المعاهدة، حتّى إنني لن أراهن بـ4 يورو على أن يصوّتوا عليها إذا عُرضَت أمامهم اليوم».
بدوره، أشار شفارزنبرغ إلى أنّ تصديق برلمان بلاده على المعاهدة قبل نهاية العام الجاري هو «أمنية من الصعب أن تتحقّق». وفي السياق، توقّع شفارزنبرغ أن تصدر المحكمة الدستورية التشيكية حكمها في مدى ملاءمة المعاهدة للدستور في بداية الخريف المقبل، وأن تُقدّم إلى البرلمان ليصوّت عليها في كانون الأوّل. يُذكَر أنّ آلية التصويت التشيكي على المعاهدة مؤجّل منذ نيسان الماضي بسبب تقديم أحزاب المعارضة نقضاً أمام المحكمة الدستوريّة «لمخالفة معاهدة لشبونة للدستور» التشيكي.
على صعيد آخر، نفى وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند أن تكون حكومة بلاده تضغط لإجراء استفتاء جديد على المعاهدة الجديدة في إيرلندا، بعد أن رفضها شعبها في الاستفتاء الأسبوع الماضي.
وأكّد ميليباند أن المعاهدة «لن تدخل حيز التنفيذ ما لم يقبلها شعب إيرلندا»، مشدداً على ضرورة «منح دبلن حيزاً من الوقت لإقرار الخطوة المقبلة بعد رفضها».
ولفت وزير الخارجية البريطاني، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، إلى أن بلاده «لا تريد أن تعيد إيرلندا الاستفتاء بأمل التصديق عليها وإزالة العقبة أمام إقرارها من جميع الدول السبع والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي». وأوضح أن لندن «تريد أن يقرر الإيرلنديون بأنفسهم ما يرونه مناسباً حيال المعاهدة، وأن لا تمارس أي ضغوط في هذا الشأن، لأن المعاهدة لن تدخل حيّز التنفيذ ما لم تصادق عليها جميع الدول الأعضاء».
وفي المواضيع الأخرى المطروحة أمام القادة الأوروبيين، فقد لوّحوا في البيان الختامي باحتمال فرض الاتحاد عقوبات إضافيّة على السودان وزيمبابواي. كما سمحت المجموعة الأوروبية لحكومات الدول الأعضاء بتقديم مساعدات مباشرة إلى شعوبهم الذين مسّتهم أزمة ارتفاع الأسعار العالمية من دون التزامات واضحة بإجراءات من شأنها إيجاد حلول جذرية للأزمة العالمية.
والأبرز على صعيد القرارات الأوروبية، هو أنّ الاتحاد أمر الدول ببذل جهود كبيرة للتوصّل إلى سياسة موحّدة بشأن مكافحة الهجرة «غير المشروعة». وأشار البيان إلى أنّ التوصّل إلى سياسة موحّدة في موضوع الحدود المشتركة وجذب اليد العاملة الموهوبة والاتفاق مع الدول التي يأتي منها العمال غير الشرعيين في حدود عام 2010، «هو أمر ضروري لمواطني الاتحاد».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب)