شهيرة سلومالعالم سئم زعماءه، لم يعد يثق بهم، صنعوا له عالماً من الخوف والفوضى والفقر والحروب، حتى الطبيعة أصابوها بزكام حاد، ولم يعد يثق بالنظام المفروض عليه، ويفضّل «الأقوياء» و«الديكتاتوريات» على «الديموقراطيات» الغربية.
هذا الواقع أظهره الاستطلاع أجراه موقع «الرأي العام العالمي» (worldpuplicopinion.org) وشمل أكثر من 19751 شخصاً من نحو 20 بلداً على سبعة من زعماء العالم هم: الرؤساء: الأميركي جورج بوش والإيراني محمود أحمدي نجاد والفرنسي نيكولا ساركوزي والصيني هو جنتاو، ورئيسا الوزراء البريطاني غوردن براون والروسي فلاديمير بوتين، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وأشارت نتائج الاستطلاع إلى أنّ الأكثر شعبية في العالم هم براون وبوتين وجينتاو. وباستثناء براون، يكون العالم قد أعرب عن ثقته بزعيمي أكبر الديكتاتوريات وأسوئها، بحسب تصنيف الدول «الغربية»، لإدارة شؤونه.
السؤال المطروح: كم لديك من الثقة بكل من هؤلاء الزعماء السبعة؟ الأقل ثقة كانا بوش ونجاد، حيث حصل الأول على 23 في المئة، فيما حصل الثاني على 22 في المئة، تلاهما ساركوزي الذي حصل على 26 في المئة، وجينتاو 28 في المئة، وبراون 30 في المئة، وبوتين 32 في المئة، أما بان فحصل على 35 في المئة، لكنّه ليس رئيس دولة ولا يمتلك سلطات الرؤساء الستة.
وحاورت صحيفة «نيوزويك» الأميركية، التي نشرت نتائج الاستطلاع، مجموعة من المحللين لتفسير ما هو حاصل في المزاج العالمي، وخلصت إلى أنّ العالم «غير راضٍ عن طريقة أداء الزعماء في إدارة القضايا العالمية الأساسية»، وممتعض من الوضع الحالي لكوكبه.
والامتعاض طبيعي أن يكون معولماً، حيث أصبحت المشكلات متشابكة وعالمية، فلا يمكن لأي بقعة في العالم أن تنأى عن الحروب الأميركية في أفغانستان والعراق أو حروبها ضدّ الإرهاب، كما عن الحروب الداخلية في السودان أو الكونغو، أو الأزمات الدولية كالملف النووي الإيراني وأزمة الجوع المتفاقم وارتفاع أسعار النفط والاحتباس الحراري. مشكلات يعجز عن حلّها أي زعيم عالمي منفرداً.
لكنّ العالم أولى ثقة أكبر لزعماء «ديكتاتوريين»، وهذه الثقة الأممية تعني أنّ نموذج الديموقراطية الغربية الذي حاولت تلك الدول تصديره إلى العالم قد فشل، لأنّها عجزت عن حلّ الأزمات الدولية، بل إنّها خلقت تلك الأزمات في أكثر الأحيان. لكن الصحيفة استندت إلى رأي مراقبين رأوا أنّ السيطرة الحكومية على وسائل الإعلام في كل من روسيا والصين ساهمت في تحسين صورة هذين الزعيمين في الداخل والخارج.
إلا أن السبب الأهم يكمن في الأوضاع الاقتصادية للصين وروسيا، فبينما اقتصاديات هاتين الدولتين في صعود وتعملان على تأمين حياة لائقة لشعوبها في الوقت الذي يشهد العالم ارتفاعاً حاداً في أسعار النفط، نجد الدول الأوروبية والأميركية، تعاني انتكاسات وركوداً، مخلّفةً وراءها أزمات اقتصادية دولية. وهذه الانتكاسات تعود بدورها إلى النموذج الاقتصادي الدولي الذي صنعته تلك الدول.
والتباين الحاصل بين زعيمي الصين وروسيا، يعود إلى أنّ بوتين استطاع أن «يمثل صورة روسيا» بشخصه في الخارج، ولكن جينتاو هو مجرّد زعيم في الحزب الشيوعي الحاكم، وصورة هذا الحزب هي المهيمنة على المسرح العالمي، لذا لم ينجح في أن يكون «فتى الغلاف».
بوش صوّت له العالم بـ«لا»، فيبقى على خلفه أن يلملم ما خلّف وراءه من مصائب وحروب.