ربى أبو عموتختلف طقوس العبادة لدى الروس. لا تفرضها الأديان السماوية، بل تنحصر في شخصيتين. لا يزال الروس منهمكين في تحديد صاحب السلطة في بلادهم. يشوّشهم هذا الإشراك بالعبادة، الذي بدأ يعلن عن نفسه خلسةً بسبب الضياع. وأحياناً الخوف من إهانة إله على حساب آخر. ولكن يبقى الإشراك أهون من اختيار الشخص الخطأ.وصل بعض المسؤولين الروس إلى تسوية مرضية بين الرئيس ديمتري ميدفيديف ورئيس وزرائه فلاديمير بوتين، على الأقل في مخيّلتهم. اعتادت صور الأخير التربّع على جدران المكاتب الحكوميّة، إلّا أنه بات له شريك، بعدما تحوّل ميدفيديف أيضاً إلى أحد أبطال الجدار.
في البيت الأبيض، حيث مكتب بوتين، بات العديد من البيروقراطيين يعلّقون صور الرئيس ورئيس الوزراء. لا يوجد أي قانون يجبرهم على ذلك. هذا خيارهم. أصرّ الكثيرون على إنكار هذه الظاهرة، ورفض البيت الأبيض إعطاء أسماء المسؤولين.
صورة الرئيسين معاً ليست جديدة. بل تنتشر في العديد من المتاجر المتراصة في موسكو. تباع في المكتبات الكبرى، والأكشاك الموزعة على الأرصفة. ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي حتى اليوم، لم تحظ روسيا برئيس وزراء قوي. بوتين ظاهرة فريدة.
ماذا تعني صور الرئيسين معاً، أو حتى أفكارهما المنساقة نحو اتجاه واحد، وإن اختلفت الصياغة البلاغية؟ حين تحدّث بوتين عن موضوع الاستقرار في صفته كرئيس، قال «يحتاج التخطيط لعام 2020 إلى عمل متوازن ومتماسك من أجهزة الدولة في المناطق، إضافة إلى الحكومة والمجلس الفدرالي ومجلس الدوما. كل هذا سيسهم في خلق الاستقرار في قلوب مواطنينا، الذي سيتغلغل في المجتمع بصورة تدريجية». ميدفيديف أيضاً شدّد على «مشاركة الرئيس والحكومة والسلطات الإقليمية والمجتمع المدني. وإذا كان لديكم تمنيات أو توصيات، يجب أن نكون جاهزين لأخذها بالاعتبار، ومن ثم يتحقق
الاستقرار».
وللوصول إلى «المستقبل المتألّق»، رأى بوتين أنه «يجب عدم إرجاء الحياة الجيدة إلى المدى البعيد، بل يجب علينا تحسين حياة الناس. على الأقل أن نحاول، كل يوم، كل أسبوع، كل عام. وانطلاقاً من هنا، فكل أفعالنا بالتنسيق مع البرلمان، يجب أن توجّه اجتماعياً».
بدوره ميدفيديف أعاد خلط الفكرة. «بلا شك، أنشئت مؤسسة جدية لتحقيق الاستقرار والتقدّم. الآن مهمتنا هي تحويل النجاح الاقتصادي إلى البرامج الاجتماعية، وتطوير مستوى حياة الناس والمستوى العلمي والرعاية الصحية، لتوفير نخب مثقفة وخلّاقة».
وبعيداً عن الأحادية السياسية التي يشار إلى روسيا من خلالها، بدا الزعيمان مؤمنين بالتعددية السياسية في بلدهما. فبوتين أعرب عن رغبته في أن «يكون الحزب بمثابة صلة وصل بين المواطنين والسلطات». وقال ميدفيديف «دخلنا مرحلة خلق منظمات حزبية كبيرة ومؤثرة ومسؤولة. بالطبع، لم تنته هذه العملية بعد. إلاّ أنه يجب على المواطنين الروس أن يكون متفائلين، لأنه بات يوجد في البلاد أربعة أحزاب تمثّل أصواتهم».
استطاع بوتين وميدفيديف أن يكونا توأمي الصورة. ولأجل غير مسمّى، يبدو الروس على قناعة بأن الدولة باتت برأسين.