حيفا ــ فراس خطيبالاتفاق الذي وقّعه حزبا «العمل» و«كديما»، أول من أمس، سيطيل عمر إيهود أولمرت في رئاسة الحكومة لثلاثة أشهر، إلا أنه لن يمنحه «البقاء الأزلي»، بعد تعهّده بإجراء انتخابات تمهيدية داخل حزبه قبل الخامس والعشرين من تشرين الثاني، وسط تصريحات حتى من مقرّبين منه بأنه «انتهى سياسياً». مقرّبوه، لم ييأسوا، وقالوا إنَّ أولمرت سيرشح نفسه مجدداً لرئاسة الحزب. وأشارت «يديعوت أحرونوت» إلى أن نجاحه ممكن، لكنّه يرتبط مباشرةً بالاستجواب المضاد الذي سيجريه محاموه مع رجل الأعمال الأميركي موشيه تالنسكي في السابع عشر من تموز المقبل، لكن التوقعات حول إحداث انقلاب في شهادة تالنسكي لمصلحة أولمرت تبدو صعبة، وخصوصاً أن صحيفة «هآرتس» أوضحت، أمس، أن هناك في محيط أولمرت من بدأ يخفض سقف التوقعات من الاستجواب المضاد.
لقد أيقظ اتفاق «العمل ـــــ كديما» روح الانتخابات التمهيدية، وأعاد المرشحين الأربعة: تسيبي ليفني، آفي ديختر، شاؤول موفاز ومئير شطريت إلى عناوين الصحف، بعد فترة صمت غطّت فيها صفقة تبادل الأسرى والتهدئة مع غزة وزيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى إسرائيل، على الانتخابات الداخلية. وخرجت ليفني عن صمتها بعد الاتفاق. وذكرت صحيفتا «يديعوت أحرونوت» و«معاريف» أنها قالت في «الغرف المغلقة» لبعض الصحافيين: «في تشرين الأول، سيكون لدينا رئيس حكومة جديد». وتابعت أن الانتخابات التمهيدية تعني بداية اتخاذ خطوات «لا يمكن منعها لاستبدال أولمرت»، فيما قال مقرّبون من رئيس الوزراء إنه «سيعود إلى الصورة عندما تزال عنه غيمة لائحة الاتهام».
وجاء في صحيفة «معاريف» عن ليفني وديختر، ورئيس لجنة الخارجية والأمن المقرّب من أولمرت، تساحي هانغبي، أن الثلاثة يجمعون على أنه «لا يوجد احتمال لأن يتنافس أولمرت على رئاسة كديما» وأنه «انتهى». وقالت «معاريف» إنَّ النائب الأول لرئيس الحكومة وصديقه الشخصي حاييم رامون، اعترف بأن أولمرت «انتهى سياسياً». وأشارت إلى أن رامون التقى ليفني خلال الأسبوع الجاري، ووصف اللقاء بأنه كان «ممتازاً».
أولمرت سياسيّ الصفقات بامتياز، جرَّ إسرائيل نحو حرب خاسرة في العمق اللبناني، وتعهد بإعادة الجنديين الأسيرين في لبنان من دون مفاوضات ولم ينجح. أراد إخضاع حركة «حماس» عسكرياً وفشل حتى في أصغر التفاصيل. بعد الحرب، وضعت لجنة فينوغراد استخلاصاتها على الطاولة كإدانة صريحة له، لكنَّه رمى بالملف بعيداً عن عيون الجمهور. في كل هذه الحالات، استغل أولمرت ضعف حزب «العمل» وانتظر إيهود باراك الجائع لكرسي وزارة الدفاع. استغل ضعف حزب المتقاعدين الذي يعرف بأنَّ خروجه من الائتلاف يعني انتحاراً أبدياً، وأن جهنم أولمرت أفضل له من جنة التقاعد خارج الكنيست. كما استغل عشق الحزب الديني «شاس» للميزانيات والمخصصات ومنحه ما يريده واشترى صمته.
وارتقى أولمرت بضعف الجميع ليبني له قوة تآمرية، تبدو اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بأنها ستنتهي بفعل تالنسكي. وقد كتب محلل الشؤون الحزبية، يوسي فيرتر، أن «المعجزات قد نفدت».
وفي السياق، نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» استطلاعاً للرأي في صفوف 62 ألف منتسب إلى «كديما»، تبيّن من خلاله أنه في حال إجراء الانتخابات اليوم فإنَّ ليفني ستحظى بنسبة 40 في المئة، وموفاز بـ30 (أحرز تقدماً ملحوظًا)؛ وديختر 15 في المئة؛ وشطريت 9 في المئة.
ويشير الاستطلاع إلى أنه إذا ترشّح أولمرت في الانتخابات التمهيدية، فإنّه سيحصل على المرتبة الثالثة بـ22 في المئة، بينما تحافظ ليفني على المكان الأول بـ31 في المئة، ويليها موفاز في المرتبة الثانية بـ23 في المئة وديختر 11 في المئة وشطريت 6 في المئة.
ويتطرق الاستطلاع إلى ما بعد الشهادة المضادة. وأشار إلى أنه إذا تمَّ إضعاف شهادة تالنسكي من جانب محامي أولمرت وتبيّن أن الشبهات أقل خطورة، فإن أولمرت سيتفوّق على جميع المرشحين وسيكون في المكان الأول برصيد 30 في المئة، وتليه تسيبي ليفني 26 في المئة؛ موفاز 19 في المئة.