Strong>ما أعلنه الرئيس الأميركي جورج بوش العام الماضي، بشأن زعزعة النظام الإيراني من الداخل، بدأت تتوضّح فصوله خلال الأسابيع الأخيرة، من خلال التوترات التي تشهدها مناطق الأقليّات الحدودية، حيث تتصاعد عمليّات سريّة أكدّها الكاتب سيمور هيرش في تقرير نشره أمس في صحيفة «نيويوركر»
قال مسؤولون عسكريون حاليّون وسابقون إن الكونغرس الأميركي وافق على طلب تقدّم به الرئيس جورج بوش لتمويل عمليات سريّة ضد إيران تهدف إلى زعزعة النظام الإسلامي.
وأوردت صحيفة «نيويوركر»، في تقرير للكاتب سيمور هيرش بعنوان «تحضير أرضية المعركة»، أن بوش وقَّع «أمر استكشاف رئاسي» طلب فيه مبلغ 400 مليون دولار لتمويل نشاطات سريّة، من ضمنها عمليات دعم الأقليّة العربيّة في منطقة الأهواز ومجموعة البلوش في الجنوب الشرقي، وغيرها من التنظيمات المنشقّة في إيران، وجمع المعلومات المتعلّقة ببرنامج الأسلحة النووية الإيرانية.
واستناداً إلى المسؤولين العسكريين الحاليين والسابقين، فإن حجم العمليات السريّة التي تشترك في تنفيذها وكالة الاستخبارات المركزية، إلى جانب قيادة العمليات المشتركة، توسّعت اليوم بشكل ملحوظ، وإن معظمها ليس مدرجاً في الأمر الرئاسي، ما دفع العديد من قادة الكونغرس الأميركي إلى طرح أسئلة جديّة عن طبيعة هذه العمليات.
ونقل هيرش عن مصدر على اطلاع بمحتوى الأمر الرئاسي قوله إن «العمليات تُركّز على تقويض الطموحات النوويّة لإيران ومحاولة تقويض الحكومة من خلال تغيير النظام، والعمل مع المجموعات المعارضة وتمويلها».
وأشار الكاتب إلى أن بعض أعضاء القيادة الديموقراطية في الكونغرس كانوا «راغبين سراً في التماشي مع الإدارة الأميركية في توسيع دائرة العمليات السريّة التي تستهدف إيران».
ويتقاسم المسؤولون العسكريون والسياسيون الأميركيون مع البيت الأبيض القلق من الطموحات النووية الإيرانية، غير أن هناك اختلافاً في ما إذا كانت الضربة العسكرية هي الحل. ونقل هيرش عن أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي الديموقراطيين قوله إن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، حذّر خلال اجتماع مع قادة الحزب الديموقراطي في الكونغرس من نتائج الضربة الوقائية التي قد تشنها إدارة الرئيس بوش على منشآت إيران النووية، قائلاً: «سوف نخلق أجيالاً من الجهاديين وسيتصارع أحفادنا مع الأعداء هنا في أميركا».
وكان لافتةً موافقة القيادة الديموقراطية في الكونغرس على تخصيص مئات الملايين من الدولارات لتصعيد العمليات السريّة في إيران، بخاصة في وجود التحفّظات التي يبديها المسؤولون، مثل غيتس والأدميرال ويليام فالون، الذي كان قائداً للقيادة الوسطى في الجيش الأميركي والعديد الآخرين.
ورفض النائب الديموقراطي عن ولاية ويسكونسن، دافيد أوباي، التعليق على خصوصيات العمليات في إيران، لكنه قال إن البيت البيض تراجع عن وعده باستشارة الكونغرس في ما يتعلّق بالجمهورية الإسلامية.
وقال أوباي: «أشك في أن هناك شيئاً ما يجري التحضير له، لكني لا أعرف ما هو. أراد (نائب الرئيس ديك) تشيني دائماً النيل من إيران، ولو كان يملك وقتاً لوجد سبيلاً للقيام بذلك»، مضيفاً: «ما زلنا لا نتلقّى معلومات كافية من الوكالات الفدرالية، ولست على ثقة بأنها ستعطينا معلومات على المحكّ».
ووفقاً للقانون الفدرالي، يجب على الأمر الرئاسي الذي يخضع لسريّة مطلقة أن يصدر لتغطية عمليات استخبارية سريّة تكون جارية، ويجب أن يطلع على فحواه على الأقل مجموعة تعرف باسم «مجموعة الثمانية» مؤلفة من كبار قادة الحزبين الديموقراطي والجمهوري في الكونغرس.
غير أن عضواً في لجنة المخصصات في مجلس النواب الأميركي قال إنه حتى مع فوز الديموقراطيين في انتخابات تشرين الثاني الماضي «فسوف يلزمنا عام على الأقل لكي نسيطر على النشاطات الاستخبارية»، مؤكداً في الوقت نفسه: «نسيطر على المال، ولا يمكنهم التحرك من دونه. المال هو كل شيء، لكني حذر جداً من هذه الإدارة. كانت هذه الإدارة تعمل بسريّة كبيرة».
وفي إسرائيل، قال الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات «الموساد»، شبتاي شافيت، إنه أمام بلاده 12 شهراً لتدمير المنشآت النوويّة الإيرانية إذا ما أرادت تجنّب التعرّض لهجوم نووي، ملمحاً إلى أن الدولة العبرية قد تحتاج للتحرّك في هذا الإتجاه إذا ما فاز المُرشّح الديموقراطي باراك أوباما بانتخابات الرئاسة الأميركية.
وقال شبتاي، الذي يشغل حالياً منصب مستشار لجنة الدفاع والشؤون الخارجية في الكنيست الإسرائيلي، في مقابلة مع صحيفة «صندي تلغراف» البريطانية أمس: «إن الوقت بدأ ينفد لمنع قادة إيران من الحصول على قنبلة نووية»، محذراً من أن إيران «تعتزم استخدام السلاح النووي حين تمتلك هذه القدرات».
وأضاف شبتاي (69 عاماً): «علينا أن نستعد ونبذل كل ما في وسعنا، لأن السيناريو الأسوأ سيكون امتلاك إيران سلاحاً نووياً في غضون عام»، مشيراً إلى أن «الحصول على موافقة أميركية ليس شرطاً مسبقاً» للقيام بعمل ضد إيران.
في غضون ذلك، أفادت صحيفة «صندي تايمز» أمس بأن مصادر دفاعية أكدت لها أن إيران حرّكت صواريخها البالستية إلى وضع الإطلاق باتجاه أهداف إسرائيلية، من بينها مفاعل ديمونا.
وأشارت الصحيفة إلى أن أجواء التصعيد بين إسرائيل وإيران تزامنت مع زيارة قام بها إلى الدولة العبرية رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلّحة الأميركية، الأميرال مايكل مولن، لإجراء محادثات مع نظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي، وعزّزت التوقعات أن إسرائيل تسعى للحصول على الضوء الأخضر من الولايات المتحدة لشن هجوم محتمل على المنشآت النووية الإيرانية.
وقالت «صنداي تايمز» إن بوش «صادق على ربط إسرائيل بنظام الكشف الراداري للولايات المتحدة القادر على اكتشاف صواريخ شهاب بعد ثوان قليلة من إطلاقها لتمكين المقاتلات الإسرائيلية من تدميرها ومنحها مهلة 15 دقيقة لاتخاذ الاحتياطات اللازمة».
(الأخبار، رويترز، يو بي آي، أ ف ب)