طوكيو تسعى إلى «قمّة مناخ» موازية لاجتماع «الثماني الكبار» بسّام الطيارةخطب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أمس، في جامعة كيوتو طالباً من اليابان إبداء طموح أكبر في مجال خفض انبعاثات الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري والمسؤولة عن سخونة الجو.
وأضاف بان، في خطابه، إن اليابان، التي تعدّ ثاني اقتصاد في العالم والرائدة في مجال التكنولوجيا والمتخصصة في معالجات البيئة، تتحمل «المسؤولية السياسية والأخلاقية» للعمل من أجل التوصل إلى حلول لمشكلة ارتفاع حرارة الأرض، مشيراً إلى أن «التغير المناخي يتطلّب رداً عالمياً». واستطرد «لدينا الموارد ولدينا التكنولوجيات لكن ما ينقص هو الإرادة السياسيّة» على مستوى قادة العالم.
جاء خطاب بان في بداية جولة آسيوية ستقوده أيضاً إلى الصين وكوريا الجنوبية، ثم مجدّداً إلى اليابان، للمشاركة في قمّة مجموعة الثماني التي ستُعقد من السابع إلى التاسع من تموز في توكايدو شمال الأرخبيل.
وقد تعجّب مراقبون من تشديد الأمين العام للأمم المتحدة، في أول زيارة له إلى اليابان منذ اختياره للمنصب الدولي، على دور طوكيو في حماية البيئة من انبعاث الغازات، رغم أن اقتصادها وصناعاتها لا تمثّل أكثر من ٤ في المئة من التلوّث المناخي مقارنةً بالصين (٢١ في المئة) والولايات المتحدة (١٨ في المئة)، وأنها باعتراف الجميع طليعية في محاربة الاحتباس الحراري وحفظ البيئة. ورأى البعض في هذا التشديد أن الأمين العام «استعاد سترة وزير خارجية كوريا الجنوبية» التي كان يرتديها قبل أن ينتخب لهذا المنصب.
كما أن «هاجس الاحتباس الحراري ومصير المناخ» يحتلّان حيّزاً مهمّاً في حياة اليابان اليومية، وبات يسكن اليابانيين بشكل ظاهر وينعكس على كل مجريات الحياة في الأرخبيل؛ منذ عقدين والحكومة إلى جانب منظمات المجتمع المدني تعمل جاهدة على «توعية المواطن الياباني» على أهمية المحافظة على البيئة والاقتصاد في الطاقة والمياه، إضافة إلى أن العادات الشعبية اليابانيّة تنزع نحو هذا الاتجاه بشكل طبيعي.
ومع ارتفاع حدّة وشمولية الأزمة المناخيّة، باتت تنعكس مشاركة اليابانيين في «المجهود العام» بشكل بارز: جميع الأبنية التي لا تتجاوز الأربع طبقات باتت تبنى من دون مصعد وباتت هندستها تتضمن مجاري تهوية وإنارة تسمح بدخول نور الشمس إلى جميع الغرف. على كل مغسلة يد أو في كل مكان فيه إمكان استعمال الماء هناك لوحة تدعو للاقتصاد. ولمحاربة تجمّع ثاني أوكسيد الكاربون، بدأت مختلف المدن والمحافظات «بزرع كل شبر يمكن زرعه»، إما بشجر أو بأعشاب تسهم عبر الكلوروفيل بسحب الكاربون من الجو. وتستعد الحكومة لطرح إجراءات غداً لتشجيع الاستخدام المنزلي للطاقة الشمسية وذلك بتقديم دعم وإعفاءات ضريبية ابتداءً من السنة المقبلة.
وكان رئيس الوزراء الياباني، ياسو فوكودا، قد أعلن مجموعة قرارات تتضمّن خفض تكاليف شراء أنظمة الطاقة الشمسية في اليابان إلى النصف، إذ توجد أهم الشركات الرئيسية المصنّعة لمكوّنات ومتطلّبات إنتاج الطاقة الشمسية.
كما علمت «الأخبار» من أكثر من مصدر أن الحكومة تسعى إلى سن قوانين جديدة تلزم شركات النفط والغاز باستخدام نسب معينة من الطاقات النظيفة مثل الوقود الحيوي عند صنع المنتجات البترولية وتوفير الغاز وذلك بدءاً من عام ٢٠١٠.
ورأى أكثر من مراقب أن فوكودا يسعى إلى أخذ زمام المبادرة في مكافحة التغيّر المناخي قبل وصول المشاركين في قمّة الثماني، إضافة إلى تعهّد الحكومة وضع هدف طويل الأمد لخفض انبعاث الغازات المسبّبة لارتفاع درجة حرارة الأرض بنسبة تراوح بين ٦٠ و٨٠ في المئة من مستوياتها الحالية بحلول عام ٢٠٥٠.
وقد دعت اليابان دولاً أخرى، هي أوستراليا والبرازيل والصين والهند وإندونيسيا والمكسيك وكوريا الجنوبية وأفريقيا الجنوبية، إلى المشاركة في قمّة موازيّة لقمّة «الثماني الكبار». فسّر البعض هذه الدعوة بكون اقتصاد هذه الدول يؤثّر مباشرة على مسألة المناخ، وخصوصاً الصين والهند والبرازيل، إضافة إلى أن هذه الأخيرة، إلى جانب اليابان وأفريقيا الجنوبية وربما إندونيسيا، مرشحة لمقعد دائم في مجلس الأمن.