حسام كنفانيمرّ أسبوع تقريباً على موافقة «حماس» وفصائل المقاومة على التهدئة في غزّة أولاً مع إسرائيل، التي لم تحدّد إلى اليوم موقفاً رسميّاً مما تمّ التوصل إليه بانتظار تحقيق جملة من الأهداف تراها الدولة العبرية ضرورية قبل أن تعلن الموافقة المرجحّة على التهدئة.
قد لا يطول انتظار «حماس» حتى تحدّد إسرائيل موقفها من «اتفاق فصائل المقاومة»، التي وجدها رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنيّة «وديعة لدى السلطة المصريّة»، مهدّداً بأن الشعب الفلسطيني «لن يستسلم» في حال تلقي ردّ سلبي من إسرائيل على «تهدئة غزة أولاً».
غير أن هنيّة، ومن ورائه قياديو «حماس»، واثقون بنسبة 90 في المئة على الأقل من أن الموافقة الإسرائيلية آتية لا محالة، وإن سعى مسؤولو حكومة إيهود أولمرت في المماطلة إلى كسب بعض الوقت وعدم الظهور في صورة المهرولين إلى التهدئة وفقدان قدرة ردع أخرى على أبواب القطاع، وهي التهديد المتواصل بإعادة الاحتلال، رغم إدراك المسؤولين العسكريين والسياسيين في إسرائيل أن مثل هذا الخيار سيكون باهظ التكاليف، وقد لا يتم على أكمل وجه لأسباب تتعلق باختلاف الوضع العسكري في القطاع بين آب 2005، وهو تاريخ فك الارتباط والانسحاب، واليوم، وهو ما تظهّر خلال محاولات الاجتياح المحدودة في مناطق متفرّقة من القطاع.
الاقتناع «الحمساوي» بحتمية الموافقة الإسرائيلية على تهدئة غزة نابع، بحسب مصادر موثوقة في الحركة الإسلامية، من دأب المسؤولين الإسرائيليين على الاتصال بالقاهرة خلال فترة وجود الوفد «الحمساوي»، للاطمئنان إلى سير المفاوضات واستيضاح موقف الحركة من المعروض مصريّاً. الاتصالات مرّرها المسؤولون في القاهرة إلى القياديين في «حماس» في إشارة إلى أن موافقتهم تعني حتميّة فتح معبر رفح، وبالتالي كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع وإعطاء أهله فسحة من الانتعاش، ولو لستة أشهر في مرحلة أولى.
وإضافة إلى الاتصالات التي تستدل بها «حماس» على الرغبة الإسرائيلية في التهدئة، من الممكن تمييز مجموعة من الأهداف تحكم المماطلة الإسرائيلية في إعلان موقف واضح من الاتفاق، أولها الإبقاء على «مظهر القوة» الإسرائيلية في التعامل مع القطاع، في رسالة قد تكون موجّهة إلى الداخل الإسرائيلي مفادها أن «عصر القوة» الإسرائيلية لم ينته بعد، ولا سيما أن حالاً من فقدان الثقة سادت الأوساط الإسرائيلية بعد فشل عدوان تموز على لبنان عام 2006.
كما أن إسرائيل تسعى إلى استعادة زخم العلاقة مع مصر عبر زيارة رئيس المخابرات اللواء عمر سليمان المرتقبة خلال الأيام القليلة المقبلة، وذلك بعد تأجيل الزيارة لأكثر من مرة في أعقاب التوتّر الذي ساد العلاقة المصرية ـــــ الإسرائيلية في الفترة الماضية على خلفية الوضع في غزة وتهريب السلاح عبر أنفاق رفح، إضافة إلى ما تمّ بعد اختراق الحدود في كانون الثاني الماضي. والخلافات داخل الوسط السياسي والعسكري الإسرائيلي حول الموقف من التهدئة وغاية «حماس» منها، لا يبدو أنها ستقف حائلاً في وجه الموافقة الإسرائيلية، وخصوصاً أن تل أبيب لا تريد أزمة جديدة مع مصر، التي تسعى إلى استعادة دورها عبر غزة. ومن المرجّح أن زيارة عمر سليمان ستتوّج بـ«مكافأة» الموافقة الرسميّة.