باريس ــ بسّام الطيارةوتبنّى ساركوزي طروحات لجنة بالادور وألبسها ثوباً «إصلاحياً» وأرسلها إلى البرلمان للمناقشة. وكان ينتظر «معارضة من المعارضة»، فأتته تلك المعارضة العلنية والعنيفة من... حزبه «تجمع الأكثرية الشعبي».
وفي خطوة استثنائية في تاريخ البرلمان الفرنسي، اتفقت الأكثرية النيابية مع المعارضة على العمل معاً لردّ هذه الطروحات وتقديم تعديلات على القانون الإصلاحي وعلى «صيغته الرئاسية». وقال أكثر من متابع إنّ عدداً كبيراً من نواب الأكثرية يعارض بشدة إصلاحات «قُدِّمَت على أساس أنها تقوّي صلاحيات البرلمان، بينما هي في الحقيقة لها هدف واحد وهو السماح للرئيس بالتوجه إلى البرلمان مباشرة» وهو ما يمنعه الدستور الحالي الذي يفصل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
ويرى البعض أنّ الاشتراكيّين «استفادوا من الانقسام الذي سبّبه مشروع القانون لدى نواب الأكثرية اليمينية» لتوحيد مواقفهم والانفتاح على بقايا الديغوليّين في الأكثرية، الذين لا ينظرون بعين الرضى إلى محاولات ساركوزي الساعية إلى «أمركة الدستور الفرنسي» تحت شعار تقوية البرلمان ليأخذ دور الكونغرس الأميركي.
غير أنّ هذا «التقارب في العداء للمشروع»، لا يعني تطابق وجهات النظر بشأن تفاصيل الإصلاحات، وفي طليعتها التصويت النسبي وطريقة انتخاب مجلس الشيوخ التي يريد الحزب الاشتراكي جعلها محور مشروع الإصلاح الدستوري. ولكن تتّفق الكتلتان على أحد البنود التي يحملها الإصلاح الدستوري، وهو الحدّ من استعمال الحكومة حقّ إرسال القوانين بصفة «المعجَّل» مع طرح متلازم للثقة يجبر النواب إمّا على التصويت لمصلحة القانون أو إسقاط الحكومة.
وهذا التحالف البرلماني بين المعارضة والأكثرية بدأ بالظهور بوضوح منذ الانتخابات البلدية الأخيرة، حين ثبت أنّ حيزاً واسعاً من «أكثرية الرئيس»، وخصوصاً الفريق ذا التلوين الديغولي، ليست في وارد اللحاق بـ«طروحات القطيعة». فهذا الفريق لا يزال يشعر بشيء من الغضب على وصول ساركوزي إلى الرئاسة على خلفيّة المناورات التي قام بها وأبعدت الديغوليّين التاريخيّين عن المناصب المهمّة، وأيضاً بسبب انفتاحه على الاشتراكيين من جهة، والأطلسيين من جهة أخرى، في تباعد نافر مع السياسة الديغولية التاريخية.