القاهرة ــ خالد محمود رمضانكشفت مصادر ليبية وعربية واسعة الاطلاع، لـ«الأخبار»، عن تصعيد لافت للانتباه في طبيعة الدور السياسي الذي يؤديه سيف الإسلام القذافي، الابن الثاني للزعيم الليبي معمر القذافي، على المستويين الداخلي والخارجي في بلاده. وقال دبلوماسي غربي مخضرم في طرابلس، لـ«الأخبار»، إن «مساعي سيف الإسلام لتكريس نفسه لاعباً رئيسياً في السياسة الليبية لا تزال مستمرة»، مشيراً إلى أنه «نجح في اكتساب شعبية كبيرة داخل بعض الأوساط التي كانت تعرف في السابق بمعارضتها لنظام أبيه». وأضاف: «الأمر بات بسيطاً، سيف الإسلام يقدم نفسه على أنه امتداد لأبيه، لكنه يستخدم وسائل أكثر ذكاءً في إقناع المعارضة بدلاً من الطريقة العنيفة التي كانت السلطات الليبية تتعامل بها مع هؤلاء».
وأشار الدبلوماسي إلى أن «سيف الإسلام، خلافاً لبقية أشقائه الذين يضطلعون أيضاً بأدوار عسكرية وإدارية وأمنية مختلفة، انتبه إلى أن الخطر الحقيقي هو في محاولات تأليب الخارج على نظام أبيه، لذلك كرس نشاطه لتحييد هذا الخطر». ورأى أن «سيف الإسلام بات محل ثقة والده مجدداً، لكنه ليس اللاعب الوحيد المؤثر في تحديد التوجهات الاستراتيجية للدولة الليبية».
لكن هل هذا التصعيد مقدمة لتهيئة الأجواء لتوريث السلطة لسيف الإسلام؟ «لا» قاطعة قالها المتحدّث باسم الحكومة الليبية، عبد المنعم اللموشي، الذي أضاف لـ«الأخبار» أن «ليبيا ليست دولة يمكن أن تطبق عليها المعايير الموجودة في دول أخرى، نظامنا السياسي واضح، وليس هناك من مجال لتوريث السلطة، لأنها ببساطة بيد الشعب».
وراجت قبل أسابيع شائعات عن احتمال تعيين سيف الإسلام في منصب حكومي بارز، لكن مقربين منه نفوا هذه الشائعات، التي يرى البعض أنها محاولة «لحرقه سياسيّاً». وقال مصدر في المعارضة الليبية إن نجاحات سيف الإسلام «تثير حساسيات كثيرة، وخاصة داخل التيار المحافظ الذي يمثله الحرس القديم في ليبيا»، مشيراً إلى أن «هناك من يشكك في جديّة ما يتبناه من رؤى إصلاحية».
ويطرح سيف الإسلام شعارات تدعو إلى إدخال إصلاحات جوهرية على النظام السياسي والاقتصادي الذي يقوده والده منذ إطاحة آخر ملوك ليبيا إدريس السنوسي في شهر أيلول عام 1969. لكن، فيما يشكو البعض من أن تنفيذ هذه الشعارات يبدو بطيئاً للغاية في ظل مقاومة الحرس القديم، فقد اضطر سيف الإسلام العام الماضي إلى التراجع عن بعض أفكاره.
ويمتلك سيف الإسلام شبكة واسعة من العلاقات الشخصية والوطيدة مع الخارج على نحو أهله لأداء دور موازٍ لدور وزير الخارجية الليبي عبد الرحمن شلقم. لكن تدخلاته في السياسة الخارجية الليبية لم تكن دوماً بلا مقابل، فقد ردد مسؤولون عراقيون اتهامات بتورطه في دعم أنشطة لمقاتلين أجانب وعرب في العراق. وقال مكتب سيف الإسلام القذافي لاحقاً إن هذه الاتهامات غير صحيحة على الإطلاق وتستهدف التشويش على ليبيا.
ولا يشغل سيف الإسلام أي منصب حكومي أو رسمي في الدولة، لكن من يتعاملون معه يدركون تلك الجسور غير المرئية التي أقامها مع نافذين في الدول الأوروبية. ومع مرور الوقت، أصبح أحد اللاعبين الأساسيين في سياسة ليبيا الخارجية، علماً بأنه لا يكاد يترك شاردة أو واردة في ليبيا إلا ويتحدث عنها.