واشنطن ــ محمد سعيد
شهد الوضع السوري ـــ الإسرائيلي أخيراً العديد من الإشارات المتناقضة، التي جعلت من الصعب التكهن بتوجّه المسار التفاوضي الذي يخضع في مجمله إلى تحليلات متباينة.
ويخلص بعض المراقبين والمحللين إلى أن تل أبيب ودمشق وصلتا إلى مرحلة «نضج غير مسبوقة» لاتخاذ قرار من شأنه تغيير الأوضاع الاستراتيجية والسياسية في المنطقة، غير أنهم يعتقدون في الوقت نفسه، في ضوء التركيبة الجغرافية ـــ السياسية للمنطقة، أن التوصل إلى صفقة إسرائيلية ـــ سورية أمر مستحيل. ويعزو هؤلاء ذلك إلى الأسباب التالية:
ـــ إن توقيت قرار التوصل إلى «اتفاق سلام» مرهون بالتغيرات المختلفة على الساحة الإقليمية، ولا سيما في ما يتعلق بالأوضاع في لبنان وتطورات الملف النووي الإيراني، إذ إنهما الركيزتان الأساسيتان، سواء بالنسبة لإسرائيل أو لسوريا، وذلك لأن أي صفقة سلام تتطلب نزع سلاح حزب الله، ومثل هذه الخطوة تتعارض مع المصالح السورية.
ـــ من غير الممكن تجاهل الدور الدولي، وخصوصاً الأميركي الذي من شأنه أن يُعجّل أو يبطئ من التوصل إلى اتفاق سلام تكون له آثاره المباشرة على مصالح القوى الدولية، ولا سيما أن الولايات المتحدة وإيران ربطتا نفسيهما بمحادثات بشأن مستقبل العراق. وإن سلاماً إسرائيلياً ـــ سورياً سيكون على الأقل غير ملائم للخطط الأميركية والإيرانية.
ويرى جورج فريدمان من مركز «ستراتفور للتحليلات الاستراتيجية» أن أي صفقة بين إسرائيل وسوريا ستتعارض راهناً مع المصالح الاستراتيجية لكلا الجانبين، وهو أمر يجعل «السلام» بينهما بعيد التحقق.
ولا ترى إسرائيل أن سوريا تمثّل تهديداً خطيراً على الصعيد العسكري، لذلك فإن المؤسسة الإسرائيلية لا تعتقد أن التضحية بالجولان ستؤدي إلى إضعاف الجيش جوهرياً، إذ كانت الجولان محور نقاشات عامة في إسرائيل، والانسحاب منها لم يكن مشكلة للدولة العبرية منذ السبعينيات من القرن الماضي.
لذلك فإن الإسرائيليين قد يكونون مقتنعين بأنهم سينسحبون في نهاية المطاف من مرتفعات الجولان، وسيفككون مستوطناتهم كما فعلوا في سيناء وفي قطاع غزة، وسيعيدون الجولان، ولكن بعد قلع أسنان القوة السورية. وهو أمر ترى إسرائيل والولايات المتحدة أنه يأتي في سياق تنفيذ سوريا مطالب محددة، تتمثل في فك التحالف الاستراتيجي مع إيران، والتوقف عن التدخل في الشأن اللبناني والمساهمة «الفاعلة» في استتباب الوضع الأمني في العراق، فيما ترى إسرائيل أن أهم مطالبها هو تحقيق الأمن على جبهتها الشمالية بضبط حزب الله وتجميد سلاحه، ووقف أي دعم له.