نيكولا ساركوزي في ورطة شعبيّة، غير أنه يرفض تغيير عاداته الشعبويّة في السخرية من الجميع وانتقاد الجميع حتّى الجنرال الرمز، شارل ديغول. لكن في بلد كفرنسا، أن يغيظ الرئيس عائلة الصحافة، فهذا يفرض عليه الاستعداد لتلقّي الضربات
باريس ــ بسّام الطيارة

في ظلّ تراجع شعبيّة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وتسجيل أرقام قياسيّة في ابتعاد ثقة المواطنين عنه، انحصر همّ مستشاريه بمناسبة مرور سنة على انتخابه رئيساً للبلاد، في تمرير رسالة مفادها أنّ «الرئيس تعلّم الدروس» التي فرضتها عليه أحداث هذا العام: من درس التواضع إلى درس الابتعاد عن تسليط الأضواء على حياته الشخصية، مروراً بالكفّ عن مهاجمة الصحافة والصحافيّين.
وقد صدّق البعض هذه الرسالة التواصلية، وخصوصاً أنّ ساركوزي امتنع عن حضور لقاء نظّمه مناصروه واكتفى بحفل عشاء خاصّ دعا إليه أعضاء حكومته، مبرّراً ذلك بأنه «لا ضرورة لإجراء جردة حساب»، لأنّ أهميّة مثل تلك الجردة «تكمن في العمل».
إلا أنّ الرئيس عاد ودعا نوّاب أكثريّته إلى حفل مغلَق في قصر الإليزيه، هاجم خلاله عدداً من وسائل الإعلام وتحديداً الصحف التي تنتقده، وفي مقدّمها الصحيفة الشعبية «لوباريزيان»، والأسبوعية «لكسبريس» التي دعمته خلال حملته الانتخابية.
وذهب ساكوزي إلى حدّ مهاجمة وكالة «فرانس برس» التي اتّهمها، بحسب المشاركين في الحفل، بأنّها «تجنّبت تغطية جيّدة لإدانة سيغولين رويال في حكم قضائي في قضية رفعتها ضدّها عاملتان في فريقها».
ومرّة أخرى، فإنّ «جدار الممانعة الصحافية» يواجه ساركوزي لحماية الحريات الصحافية، وخصوصاً أنّ حديثه عن الوكالة الفرنسيّة جاء بعد أن كشفت مجلة «باري ماتش» أنّ زوجته كارلا بروني هي التي قامت بوضع كلام صور لريبورتاج يُنشَر عنها هذا الأسبوع.
وقد شجبت العائلة الإعلاميّة بكل وسائلها مهاجمة ساركوزي للصحافة، وذكّر أحد معلّقي قناة «بي أف أم» ساركوزي بأنّ عهد «وكالات الأنباء الرسمية قد ولّى»، مندّداً بوضع اللوم على الصحافة كلّما تراجعت شعبيته.
لكن يبدو، حسب بعض النوّاب الـ٣٢٠ الذين حضروا حفل العشاء، أنّ لسان الرئيس لم يكتفِ بمهاجمة الصحافة، بل طال بحدّة سلفه جاك شيراك، متهكّماً عليه لأنّه «كدّ ٢١ سنة حتى استطاع الوصول إلى الرئاسة»، بينما تفاخر ساركوزي بأنه «وصل من المرة الأولى».
كما اتهم ساركوزي شيراك بأنّه «لم يقم بأي عملية إصلاح حقيقية». ولم يكتفِ الرئيس بهذا القدر، بل طالت انتقاداته الجنرال التاريخي شارل ديغول لأنّه «ربح الانتخابات عام 19٦٧ بفارق صوت واحد»، بحسب تعبيره.
وقد حاول بعض هؤلاء البرلمانيّين التقليل من حدّة هذا الحديث بقولهم مبتسمين «يعرف الجميع أنّه يتكلّم هكذا».
إلا أنّ بعض النوّاب المقربين من شيراك ورئيس الوزراء السابق دومينيك دوفيلبان، رأوا أنّ ساركوزي يريد تحميل حزب «تجمع الأكثرية الشعبية» الحاكم وزر خسارة الانتخابات البلدية الأخيرة، في محاولة لتطهيره من بقايا الشيراكية والديغولية، ودفعه أكثر فأكثر نحو مواقع يمينيّة بمفهوم المحافظين الجدد. وهم في هذا السبيل، يعطون أمثلة عديدة، منها انتقاده بعضّ النوّاب الذين عتبوا على مواقف الحزب من قضيّة المهاجرين غير الشرعيّين التي يتعاطف معها المواطنون بشكل وصفه البعض بأنّه كان «شرساً للغاية» وخصوصاً قوله لهم «كونوا يمينيين، لا تخافوا فالرأي العام معنا».


فرنسا: فضيحة تجسُّس على زعيم «الرابطة الشيوعيّة»

بدأ القضاء الفرنسي تحقيقاً إثر شكوى تقدّمت بها أهم شخصية في اليسار الجذري الفرنسي، زعيم الرابطة الشيوعيّة الثورية (تروتسكية)، المرشح الرئاسي السابق أوليفييه بوزانسونو، الذي «تجسّس» عليه مكتب خاص للأمن الفرنسي، بحسب معلومات صحافية.
وبدأ هذا التحقيق الاولي بقرار من النيابة العامة في باريس بعد تقدم بوزانسونو بشكوى ضد مجهول بتهمة «التعدي على الحياة الخاصة» للزعيم اليساري الشاب. وذكر الموقع الالكتروني لمجلة «لكسبريس» أنّه «تمّ التجسس على الحياة الخاصة لأوليفييه بوزانسونو وتحليلها من قبل مكتب صغير للاستخبارات لأشهر وعلى الاقل بين تشرين الاول 2007 وكانون الثاني 2008».
وتم تصوير صديقة بوزانسونو ومراقبته شخصياً كما تم الاطلاع على حساباتهما المصرفية.
وأعرب بوزانسونو عن «غضبه» إثر نشر هذه المعلومات، موضحاً أنّه يرغب في معرفة مدبري عملية المراقبة هذه. كما ندّدت الرابطة الشيوعية الثورية بهذه «الممارسات التجسسية».
وبحسب المجلة نفسها، فإنّ القضية قد تكون على علاقة بخلاف بين بوزانسونو وشركة «اس ام بي تكنولوجي» التي توزع في فرنسا مسدس «تيسر» الكهربائي. وكانت الشركة قد رفعت دعوى على الرجل بسبب تأكيده أن هذا المسدس سبّب مقتل 150 شخصاً في الولايات المتحدة.
(أ ف ب)