صفّوريّة ـــ فراس خطيبوكان المئات من عناصر الشرطة الإسرائيلية المدجّجين بالسلاح والهراوات قد اعتدوا على المشاركين في المسيرة عندما أوشكت على الانتهاء. وقال أحد المعتدى عليهم لـ«الأخبار» «بدأوا يدفعوننا بشكل استفزازي بحجة فتح الطريق، وكانت عيونهم تقطر شرّاً». وتابع «لم تمرّ دقائق حتّى هاجمتنا الوحدات بشكل عشوائي من دون الأخذ بعين الاعتبار الحضور الكبير للأطفال والنساء». وانطلق عشرات الخيّالة من الشارع الرئيسي للقرية باتجاه ساحة المسيرة، وأُطلقت الأعيرة المطّاطيّة والقنابل الصوتية والدخانية، ما أسفر عن إصابة البعض. كما أدّت القنابل الى نشوب حرائق في الحرج المجاور. ولم تكتفِ الوحدات الإسرائيلية بهذا، بل لاحقت المتظاهرين بين أشجار الصنوبر على أراضي صفورية المهجّرة.
قبيل اندلاع هذه الاعتداءات، سار ما يقارب 15 ألف فلسطيني من كل الأحزاب السياسية والقرى المهجَّرة، رافعين لافتات كتبت عليها أسماء القرى التي هُدّمت وهُجّر قاطنوها.
وعبّرت طفلة لم تتجاوز الحادية عشرة من العمر، عن شعورها بالقول «أصلي من قرية الدامون المهجرة، كان جدي يأخذنا إليها، فجدي أوصانا بألّا ننساها، وأنا متأكدة من أنني سأعيش في الدامون».
المسيرة اتّجهت نحو أنقاض قرية صفورية، التي كانت من أكبر القرى الواقعة على مقربة من الناصرة. سكّانها كانوا خمسة آلاف فلسطيني، هُجّروا جميعهم. وهم يسكنون اليوم في القرى والمدن العربية، ومنهم من في الشتات. الهتافات تعلو «هون ضاعت فلسطين وهون بدنا نلقاها». شعارات وصلت كعادتها من الجليل إلى غزة وبيروت وشاتيلا وكل مكان. أغان للأسير، ولـ«فلسطين العربية».
بدوره، قال رئيس «كتلة التجمع الوطني» الديموقراطي، النائب جمال زحالقة، الذي شارك في المسيرة «في هذه المسيرة نؤكد أنّ حقّ العودة يشمل حق المهجرين في الداخل بالعودة إلى قراهم الأصلية، وفي مقدّمها صفورية وأم الزينات وأقرث وبرعم والغابسية والدامون وغيرها من القرى المهجرة». وأضاف «نكبة فلسطين ليست ذكرى، بل واقع يعيشه الشعب الفلسطيني على مدى 60 عاماً، ومهمتنا هي العمل على تصحيح الغبن التاريخي الذي لحق بهذا الشعب».
وقال رئيس الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة، النائب في الكنيست محمد بركة، وهو من أهالي قرية صفورية، بعد انتهاء التظاهرة، «لقد كنت كالعادة في مثل هذا اليوم، منذ ساعات الصباح في قريتي، قرية الآباء والأجداد، صفورية، وعند بقايا بيت العائلة المدمَّر، في الوقت الذي كنا فيه نقوم بالاستعداد لاستقبال الآلاف في قريتنا، ولاحظت بوضوح تحركات مريبة للشرطة والأجهزة الأمنية والعسكرية في المكان، وهذا قبل عدة ساعات من بدء المهرجان». ووصف اعتداءات الشرطة بأنه «عدوان مبيّت ومخطط له من قبل جهات عليا».
وفي الجهة المقابلة للشارع، تجمّع بعض المتطرّفين اليمينيّين اليهود من حركة «الحراس الجدد». كان حضورهم استفزازياً منذ البداية، نصبوا خيماً ورفعوا الأعلام الإسرائيلية على أرض صفورية المهجَّرة.