حيفا ــ فراس خطيببعد سلسلة من الفضائح المالية التي «نجا» منها رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، على مدى السنوات الماضية، انفجرت فضيحة مالية جديدة، تحمل اسم «قضية تالينسكي»، حصرته هذه المرة في الوضعية الأكثر حرجاً من بين سابقاتها.
وأقدم أولمرت، من خلال تعهده بالاستقالة في حال تقديم لائحة اتهام رسمية ضده، على خطوة من شأنها أن تطيل في عمر ائتلافه الحكومي إلى حين القرار الاتهامي، الذي قد يأخد أشهراً، فيما يُجمع باقي المعلّقين على أن حزبي الائتلاف الحكومي «شاس» و«العمل» «ليسا معنيين، في هذه الآونة بالانسحاب. لتظل حرب أولمرت الأساسية محصورة داخل حزبه كديما». وخصوصاً أن هناك خصوماً سياسيين لأولمرت من ضمنهم وزيرة الخارجية تسيبي ليفني. وهناك أيضاً من يعتقد من داخل الحزب بأن الفضائح المتتالية ضد أولمرت والتحقيقات اللامتناهية قد تدمّر الحزب معه.
وفي تفاصيل الفضيحة، التي رفعت السرية عنها، يشتبه في أن أولمرت، وعلى مدار سنوات مضت، أي قبل توليه منصب رئيس الحكومة، حصل على مئات آلاف الدولارات بصورة غير قانونية. وقالت أوساط قضائية إسرائيلية إنَّ أولمرت حصل على مغلفات تحتوي على مبالغ نقدية، من رجل الأعمال الأميركي موشيه تالينسكي.
وأشارت مصادر داخل الشرطة الإسرائيلية إلى أن أولمرت لم يستطع تفنيد الاتهامات الموجهة إليه خلال التحقيق معه قبل عشرة أيام، ونفى أن يكون قد حصل على أموال بصورة غير قانونية. وعلمت صحيفة «هآرتس» أن أولمرت ادّعى خلال التحقيق معه أنه لا يذكر ما كان في لقاءاته مع تالينسكي. وأضاف أن «العنوان لهذه الأسئلة هو مديرة مكتبه زاكين».
وإضافة إلى ذلك، خلال فترة توليه رئاسة بلدية القدس، سافر أولمرت مرات كثيرة إلى الولايات المتحدة، وفي أحيان كثيرة كان ضيف الشرف في حفلات واجتماعات جمع تبرعات أدارها تالينسكي لمصلحة مؤسسات عديدة في إسرائيل، بينها مستشفى «شاعاريه تسيدك» و«الصندوق الجديد من أجل القدس». وتمتع أولمرت خلال الزيارات للولايات المتحدة بمستوى حياة عال، وتالينسكي كان يدفع الحساب، من رحلات جوية وغرف فاخرة في فنادق ومصاريف أخرى.
وتتعلق شبهة أخرى بدين على أولمرت بعد حملة انتخابية وأن تالينسكي أعطاه قرضاً لسد هذا الدين، لكن هذا كان من دون اتفاق موقع ومن دون فائدة ومن دون منطق اقتصادي، كما أن أولمرت لم يسدد مبلغ القرض حتى اليوم.
وقالت مصادر في التحقيق إنه خلال استجواب تالينسكي، أبلغوه بأن أولمرت ينفي حصوله على هذا القرض، فردّ «يا ويلي، ضاع المال». ويشار إلى أن مقربين من أولمرت أكدوا أمس حصول أولمرت على القرض ووصفوه بـ«قرض بين أصدقاء».
في هذه الأثناء، صادقت المحكمة الإسرائيلية المركزية على طلب المدّعي الإسرائيلي العام، بأن يتم الحصول على شهادة مبكّرة لتالينسكي، الذي أعرب عن خوفه من أن «يبعث أولمرت له شخصاً يلحق الضرر به».
وفي السياق، أوضح قياديون في حزب «العمل» أنه لن ينسحب من حكومة أولمرت حتى اتخاذ قرار قضائي ضد أولمرت وفي حال تقديم لائحة اتهام ضده. وأوضحت مصادر محيطة برئيس «العمل»، وزير الدفاع إيهود باراك، أنها «ستتعامل مع أولمرت بصورة رسمية وودودة ومناسبة».
في المقابل، قال رئيس كتلة الليكود في الكنيست جدعون ساعر إن على أولمرت الاستقالة والذهاب إلى انتخابات مبكرة، وإن «أولمرت لا يمكنه الجلوس مع أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) في المساء والتنازل عن أقاليم من الوطن وفي الصباح يكون في غرف التحقيق، فهذا ليس أداءً مسؤولاً».