غزة ــ رائد لافيومثلت الأزمة الفلسطينية الداخلية العامل الرئيسي في تحديد مواقف الفلسطينيين من الأزمة اللبنانية. ورأى أنصار حركة «فتح» أن حزب الله وفريق المعارضة يقودان الساحة اللبنانية نحو «الفتنة» مثلما فعلت حركة «حماس» في قطاع غزة، وكلاهما يتلقى دعماً وتأييداً إيرانياً سورياً.
وفي تناقض تام مع الموقف «الفتحاوي»، يرى أنصار لحركة «حماس»، التي تحكم سيطرتها على غزة منذ الهزيمة التي ألحقتها بحركة «فتح» وأجهزتها الأمنية في حزيران الماضي، أن «الفتنة» القائمة في لبنان من صنع الولايات المتحدة التي تظهر سياسة واضحة لضرب قوى المقاومة والممانعة في المنطقة العربية لمصلحة قوى متناغمة مع السياسات الاستعمارية.
أمجد (23 عاماً) شاب «فتحاوي» يرى أن حزب الله وحركة «حماس» وجهان لعملة واحدة لجهة «التستر وراء سلاح المقاومة واستغلاله في الوصول إلى مصالحهما ومطامعهما السياسية».
«حماس»، من وجهة نظر أمجد، «وجدت في التعاطي مع اتفاق أوسلو وخوض الانتخابات بناءً عليه طريقاً مناسباً للوصول إلى أهدافها الخبيثة بعد سنوات طويلة من معارضة عملية التسوية»، قبل أن تلجأ إلى «الانقلاب العسكري» على السلطة «واحتلال» مؤسساتها في غزة.
ويرى أمجد أن حزب الله في لبنان «يرتكب الخطأ نفسه الذي سبقته إليه حماس، ويقود البلاد نحو الفتنة والانقسام، ويفسح المجال لقوى خارجية للتسلل للساحة اللبنانية والعبث بأمن لبنان واستقراره».
لكن «الحمساوي» رامي (26 عاماً) يقف على النقيض من غريمه أمجد، ويرى أن الإدارة الأميركية التي تضع «فيتو» على الحوار الفلسطيني الداخلي وتمارس الضغوط على الرئيس محمود عباس كي يستمر في رفض الحوار مع «حماس»، تزرع بذور الحرب الأهلية في لبنان، حمايةً لمصالحها وللمشروع الصهيوني في المنطقة.
وبحسب رامي، فإن «هناك تشابهاً كبيراً بين ما وقع في غزة، وما يحدث حالياً في لبنان، فالدعم الأميركي لفريق الحريري وحكومة فؤاد السنيورة واضح، كما هو الحال عندما دعمت الولايات المتحدة تيار (القيادي في حركة «فتح») محمد دحلان بالمال والسلاح بمساعدة دول عربية لإطاحة حركة حماس».
وفي وقت أيد فيه أمجد نزع سلاح حزب الله لكونه «يهدد أمن لبنان واستقراره ويخلق دولة لا تخضع لقوانين الدولة الرسمية»، دافع رامي بقوة عن سلاح المقاومة في فلسطين ولبنان.
الصحافي الفلسطيني حامد جاد لا ينتمي لأي من الحركتين المتصارعتين، فكان له موقف مخالف لسابقيه من الأزمة اللبنانية، واتهم حزب الله وتيار «المستقبل» بالقفز عن المصالح الوطنية اللبنانية لمصلحة «أجندات» خارجية. وأشار إلى أن الصراع الحاصل في الساحة اللبنانية هو صراع بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وإيران وسوريا من جهة ثانية، لكن بأيد لبنانية.
ويخشى حامد من نتيجة أسوأ بكثير مما وصلت إليه الساحة الفلسطينية من انقسام بين الضفة وغزة، وقال: «تعقيدات الساحة اللبنانية بمذاهبها وطوائفها ستقود إلى تقسيم لبنان إلى دويلات إذا لم تُطوَّق الفتنة وتُغَلَّب لغة الحوار».