strong>ليفني: مثال لدولة أخذت القوة المعتدلة فيها تضعف فيما تعمل إيران للسيطرة عليه
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، في مقابلة مع وسائل إعلام فرنسية، أمس، أن الحكومة الإسرائيلية «تتابع باهتمام شديد» الوضع في لبنان، ولا سيما ما يتعلق «بوحدة أراضيه واستقراره». وقال أولمرت، في الحديث الذي أجرته إذاعات «راديو فرانس انترناسيونال» و«أوروبا 1» و«فرانس انتر»، «إننا نتابع الحوادث في لبنان عن قرب» و«نحن متنبّهون جداً لمسألة وحدة أراضي لبنان واستقراره». وأضاف «آسف لأن الاستقرار السياسي في لبنان لا يحترم بشكل صحيح من جانب مختلف الأطراف اللبنانية. هذا ليس جيداً ولا يصبّ في مصلحتنا».
وتابع، بحسب نص المقابلة الذي وزعته إذاعة «فرانس انترناسيونال»، «سنبذل كل ما في وسعنا للتوصل إلى اتفاق مع لبنان، آجلا أو عاجلاً».
من جهتها، قالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، إن «القوى المعتدلة» في لبنان أخذت تضعف، فيما تحاول إيران السيطرة على هذه الدولة. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن ليفني قولها، أثناء لقائها مع رئيس منغوليا ووزير الدفاع المنغولي في القدس المحتلة، أمس، إن «لبنان هو مثال لدولة أخذت القوة المعتدلة فيها تضعف فيما تعمل إيران للسيطرة عليه». وأضافت أن حزب الله هو ميليشيا مسلّحة تابعة لإيران وتحاول «زعزعة الاستقرار في المنطقة»، مضيفة أن «إسرائيل تتوقع من جميع دول العالم التي تشاركها القيم نفسها أن تبدي حزماً في الحرب ضد المتطرفين».
واحتل الوضع اللبناني المستجد حيّزاً مهماً لدى المتابعين الإسرائيليين للشأن اللبناني من معلّقين ومتخصصين أكاديميين. وفيما أجمع هؤلاء على خطورة الوضع بالنسبة إلى إسرائيل وعلى انعدام قدرتها في التأثير عليه، رأى بعضهم أن سبب ذلك يعود إلى خطأ ارتكبته إسرائيل عبر دفعها إلى انسحاب سوريا من لبنان، فيما ذهب آخرون إلى اعتبار أن الرهان الوحيد الذي يمكن التعويل عليه في احتواء ما يحصل هو تدخّل المجتمع الدولي.
ورأى الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، غيورا آيلند، أن «تطورات الحوادث في لبنان التي تثبت أن حزب الله عاد ليصبح أقوى قوة عسكرية وسياسية في هذا البلد، هي نتاج خطأين إسرائيليين: الأول عندما تبنّت الحكومة الإسرائيلية عام 2004 توصية وزير الخارجية آنذاك، سلفان شالوم، الذي أيّد إخراج السوريين من لبنان». وبرأي آيلند «كانت هذه الخطوة في الأساس نتاج مصلحة أميركية ــــ فرنسية ــــ سعودية قصيرة المدى، وكانت تعارض المصلحة الإسرائيلية».
ورأى الجنرال الإسرائيلي السابق أن النتيجة المتوقعة لذلك «كانت ثلاثية: الفراغ الجزئي الذي نشأ ملأته إيران لا جهات معتدلة، كما أننا فقدنا جهة ذات عنوان يمكن ردعه بجدوى كبيرة، وأخيراً حوّل السوريون، الذين جهدوا حتى ذلك الحين للتمسك بلبنان، مركز اهتمامهم السياسي إلى هضبة الجولان».
أما الخطأ الثاني فهو «تحييد الدولة اللبنانية خلال حرب لبنان الثانية، وهو الأمر الذي أبعد إمكان النصر فيها».
من جهته، قال المسؤول السابق عن الملف اللبناني في الحكومة الإسرائيلية والسفير الإسرائيلي السابق في إيران في عهد الشاه، أوري لوبراني، إن «هناك تحدياً كبيراً يواجهه الغرب والأسرة الدولية، يقضي بمنع إيران من السيطرة على لبنان». وأضاف أن الحل إزاء سيطرة حزب الله على لبنان يكمن في أن يبذل «قادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جهداً مشتركاً»، مشيراً إلى أن «فرنسا تحديداً لديها مصلحة خاصة في لبنان». وتابع «عليهم أن يواجهوا معاً لتأخير هذه العملية. كل ما يقولونه في الوقت الحاضر غير كاف. يجب أن يكونوا أكثر حزماً، وأن يعطوا الأولوية قبل أي شيء للشق الدبلوماسي. إن ترتّب على إيران دفع ثمن دبلوماسي قوي، فإن ذلك سيؤثر على الوضع».
أما ديفيد كيمحي، المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، فقال من جهته إن «الوضع خطير بالنسبة إلينا كما إلى اللبنانيين والمنطقة بمجملها. الأطراف الأكثر تطرفاً، حزب الله في لبنان وكذلك الإيرانيون، يسعون للسيطرة على المنطقة. هذا يمثّل خطراً على جميع الأنظمة المعتدلة». ورأى كيمحي أن «الخيار الوحيد لإسرائيل هو زيادة التيقّظ على حدودها مع لبنان، لأنه لا يمكننا التدخّل في هذا النزاع» الجاري.
ورأى ايال زيسر، الأستاذ المتخصص في الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب، في ما يحصل في لبنان «صراعاً سياسياً مستمراً منذ سنوات. وإسرائيل لا ترى شيئاً مفاجئاً في ذلك»، مستبعداً «في المستقبل القريب إمكان نشوب حرب جديدة مع حزب الله إن لم يكن ذلك نتيجة حوادث صغرى».
وقال الباحث في مركز يافا للدراسات الاستراتيجية في جامعة تل أبيب، إفرائيم كام، «ليس هناك أمر مهم يمكننا القيام به. إنه نزاع داخلي في لبنان. وحدهما سوريا والجامعة العربية يمكنهما الضغط على حزب الله، لكنّ الأخيرة فشلت».
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي)