في ميناء ضبيّة الواقع شمالي بيروت، تحوّلت اليخوت الفخمة إلى زوارق سريعة لنقل الهاربين من المواجهات المسلّحة في لبنان، في ظلّ توقّف كل من المطار والمرفأ عن العمل. تعرفة الرحلة للشخص الواحد، بحسب مدير إحدى شركات النقل البحري، هي 1500 دولار، وتشمل فقط إيصاله إلى ميناء لارنكا القبرصي، فالطلب يزداد «منذ يوم السبت»، وبالتالي فإنّ قانون العرض والطلب يفرض رفع الأسعار، فهذا هو يوم الربح السريع.الشركة أوصلت مساء الاثنين المنصرم 200 شخص على متن 18 زورقاً إلى لارنكا.
وتؤمّن الشركة المذكورة، على غرار بضع شركات أخرى، رحلتين يومياً إلى لارنكا انطلاقاً من ميناء ضبية الخاص المعروف باسم «مارينا». وتستغرق الرحلة ست ساعات لعبور 210 كيلومترات.
وعن تفاصيل الرحلات، يوضح مدير الشركة «إنّنا نقبض سلفاً نصف كلفة الحجز ولا نغادر الميناء إلا بعد امتلاء الزورق». ويتابع «لا نستغلّ القدرة القصوى لاستيعاب اليخت البالغة خمسين شخصاً، بل نكتفي بملء المقاعد الـ16 لتأمين راحة الركاب».
واليخت مزوَّد بثلاث غرف صغيرة مع حمّام لكلّ منها، إضافة إلى قاعة جلوس ومطبخ واستراحة خارجية فخمة.
وحتى الأسبوع الماضي، كان لبنانيّون أثرياء أو سيّاح، وخصوصاً روس، يستخدمون تلك اليخوت للقيام برحلات قبالة الساحل اللبناني أو التوجه إلى منتجع شرم الشيخ المصري.
ورغم الوضع المتأزّم في لبنان، يحرص كثيرون على المجيء من قبرص إلى لبنان عبر اليخوت الخاصّة أيضاً. ومعظم هؤلاء هم صحافيّون ولبنانيون مجبرون على العودة أو وزراء عائدون من مهمات رسمية، على حدّ تعبير المسؤول في شركة تأجير اليخوت.
غير أنّ السلطات القبرصية أطلقت منذ يوم أمس حملة لتطبيق القانون الدولي للشحن البحري لمنع مالكي اليخوت الخاصة من نقل الركاب إلى لبنان عبر هذه اليخوت لأنه يُعَدّ «تكسّباً غير شرعي». ولا تقتصر ظاهرة الهجرة عبر اليخوت على ميناء ضبيّة، فعلى رصيف ناد خاص في منطقة الكسليك في كسروان، تنظّم امرأة أنيقة تُدعى كلوديت مغادرة عائلتها. وتقول كلوديت «أستخدم يختاً خاصّاً تملكه إحدى صديقاتي لأتوجّه إلى قبرص مع أهلي وأطفالي الذين كانوا في عطلة هنا».
ويعلّق المسؤول عن العلاقات العامة في النادي، إيلي كنعان، «هنا، لا رحلات لغرض تجاري. وكل مخالف يتمّ طرده فوراً من النادي».
وحيال هذا الوضع، تسهّل السفارة القبرصية نقل اللبنانيّين ومواطنين من جنسيّات أخرى إلى أراضيها.
ويشير مسؤول في قسم التأشيرات إلى أنّ الموظّفين القبارصة «يبذلون ما في وسعهم لتسليم التأشيرات خلال يوم واحد، وحتى خلال فترة أقلّ في الحالات الطارئة».
ورغم التوقف عن العمل في مطار بيروت الدولي، فإنّ ظاهرة النقل الجوّي عبر طائرات خاصّة بدأت تُنَظَّم من بيروت منذ أول من أمس «بمعدل رحلتين يومياً إلى عمان وعلى متن كل منها عشرون راكبا» بتعرفة تناهز 400 دولار، أو إلى قبرص «وفق الطلب» بحسب مسؤول في إحدى شركات الطائرات الخاصّة.
ومع استمرار إغلاق الطرق المؤدية إلى المطار بسواتر ترابية، توصل السيارة المسافرين إلى قرب هذه السواتر فيعبرونها سيراً، على أن تلاقيهم في الجهة الأخرى سيارات تقلّهم إلى الطائرات.
بدورها، تفيد سيارات الأجرة المتجهة إلى سوريا من الوضع، وتسلك طريقي طرابلس أو القاع، نقطتي العبور من الشمال إلى الأراضي السورية، بسبب إقفال طريق المصنع الدوليّة. غير أنّه يبدو أنّ مشكلة العبور إلى سوريا حُلَّت، بعد الإعلان عن فتح طريق المصنع أمس.
وتراوح كلفة استئجار سيارة إلى دمشق بين 400 و600 دولار، بعدما كانت 75 دولاراً قبل التطوّرات الأخيرة.
(أ ف ب)