strong>رغم إعلان الولايات المتحدة تولي الأمم المتحدة الملف اللبناني، لم تتضح في المداولات الأوليّة في المنظمة الدولية ملامح أي تحرّك جدّي بانتظار ما قد تسفر عنه مهمّة اللجنة الوزارية العربيّة، فيما بدأت واشنطن بتحرّك جدّي عبر إعلان تسريع تسليح الجيش اللبناني
نيويورك ــ نزار عبود
القاهرة، دمشق ــ الأخبار
لم تتوصل الاتصالات الفرنسية ــــ الأميركية ــــ البريطانية في مجلس الأمن، أمس، إلى بلورة أي تحرك حقيقي، واقتصرت على مشاورات سريعة في نهاية جلسة تتعلق بالوضع في دارفور، وقال فيها نائب المندوب الأميركي أليخاندرو وولف إنه يدين «أعمال حزب الله»، معرباً عن قلقه من الوضع القائم في لبنان. ودعا إلى احترام «حرمة وسلامة أراضي لبنان»، مشدداً على «أننا سنراقب جهود الجامعة العربية ونقدّم تقريراً في المستقبل».
نائب المندوب الفرنسي، أكسل كراكو، شاطر الأميركي موقفه. وأكد أن فرنسا تعلّق أملاً على جهود الجامعة العربية، داعياً المجلس إلى توخّي اليقظة ومراقبة الوضع عن كثب والاستعداد لبحث الوضع عند الحاجة.
رئيس مجلس الأمن، مندوب بريطانيا جون سووارز، قال إن أحد الأعضاء (الولايات المتحدة) أثار موضوع لبنان، وقدمت ثلاث مداخلات قصيرة تركزت على الإعراب عن الانشغال بالتطورات الأخيرة و«لا سيما القتال الأخير وانعدام الأمن في غرب بيروت. وتم الاتفاق على ضرورة العودة إلى هذا الأمر. ولم نتفق على الخطوات اللاحقة. لكننا نتوقع أن نعود إلى الموضوع في وقت قريب». ونفى أن يكون أي طرف قد قدم اقتراحاً بإجراءات أو تحركات محددة.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، توم كايسي، قد أعلن أن مجلس الأمن يجري مشاورات لبحث أعمال العنف في لبنان. وقال إن هذه المشاورات «ستستكمل على الأرجح في الأيام المقبلة». وأضاف «في هذه المرحلة، لا ندري بعد جيداً طبيعة التحرك الذي يمكن أن تفضي إليه هذه المحادثات، لكننا نعتقد أن من المهم أن يعبر المجلس بقوة عن موقفه من هذه المسألة».
وأعلن كايسي «تسريع» الإمدادات الأميركية المنتظمة من التجهيزات العسكرية المرسلة إلى الجيش اللبناني. وقال «كما تعلمون، لدينا حالياً برنامج مساعدة عسكرية للبنان». وأضاف أن هذا البرنامج «جارٍ العمل به منذ نحو عامين ويهدف إلى مساعدة الجيش اللبناني على القيام بواجبه الذي يقضي ببسط الأمن في سائر أنحاء البلاد». وأضاف «أعرف أن هناك عدداً من الأشياء التي قررنا إرسالها إليهم. نحاول القيام بهذا الأمر بشكل أسرع».
وكان مستشار الرئيس جورج بوش لشؤون الأمن القومي ستيفن هادلي قد كشف عن وجود جهود أميركية لبحث الوضع في لبنان على طاولة مجلس الأمن الدولي. وقال إن واشنطن تنوي تكثيف ضغوطها على سوريا وإيران على خلفية دعمهما المفترض لحزب الله.
وقال هادلي «كانت عطلة نهاية أسبوع صعبة جداً بالتأكيد، وما شهدناه كان محاولة من حزب الله لابتزاز وترهيب الحكومة اللبنانية المنتخبة شرعياً». وتابع «نعتقد أنه (حزب الله) ما كان ليقوم بذلك من دون دعم إيران وسوريا وهذا نموذج على المعركة الأوسع في هذه المنطقة».
وفي السياق، كشفت صحيفة «فايننشال تايمز» عن أن السعودية تناقش مع فرنسا والولايات المتحدة خيارات عزل حزب الله وحلفائه. ونسبت إلى مستشار للحكومة السعودية لم تكشف عن هويته القول «إن الدول الثلاث ستسعى إلى تغيير جذري لما يجري في لبنان الآن».
في هذا الوقت، أعربت مصر عن قناعتها بأن حل الأزمة في لبنان يجب أن يراعي التوازن بين الطوائف والقوى السياسية كافة، مع الحفاظ على الدور الفعال ومصالح كل منها في التركيبة اللبنانية.
وأشار المتحدّث باسم وزارة الخارجية، حسام زكي، إلى «أن غير ذلك من الحلول لن يحظى بأية فرص للنجاح سياسياً، ولا سيما أن التاريخ والتجربة في لبنان أثبتا أنه ما من مشروع أمكن فرضه بالقوة على هذا البلد، ما لم يحظ بإجماع الأطراف اللبنانية المختلفة من الناحية السياسية».
بدورها، دعت دمشق الأطراف اللبنانية كافة إلى «التعاون البنّاء» مع اللجنة الوزارية العربية. وأكد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية «دعم سوريا لجهود اللجنة لوضع المبادرة العربية موضع التنفيذ كخطة متكاملة ببنودها الثلاثة».
وكتب المحرر السياسي في جريدة «تشرين» الحكومية أن «كل ما يتمناه اللبنانيون والعرب، وفي مقدمهم سوريا، أن تتجه الجهود العربية نحو حل الأزمة اللبنانية لا نحو التوتير والتصعيد»، وذلك في معرض الرد على ما قاله وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل. ‏
وقالت «تشرين» إن ما «وصفه الفيصل بالانقلاب هو تحرك لبناني داخلي نفذته المعارضة الممثلة لأكثر من نصف الشعب اللبناني من أجل تصحيح وضع خاطئ أقدمت عليه حكومة السنيورة واستهدفت فيه المقاومة الوطنية وأمنها». وأضافت «مع أن ما يجري في لبنان شأن داخلي، إلا إن الحديث عن احترام سيادة لبنان وعدم التدخل في شؤونه الداخلية يجب أن ينسحب على جميع القوى الإقليمية، وفي مقدمها السعودية الشقيقة، وأيضا التدخلات الدولية وفي مقدمها الإدارة الأميركية التي لا تخفي انحيازها إلى جانب فريق السلطة». ‏
وشددت «تشرين» على أن «هذه الشرعية اللبنانية، التي يدعمها الأمير الفيصل، هي شرعية مطعون فيها لبنانياً على الأقل من نصف الشعب اللبناني». وتساءلت إذا ما كانت المملكة تدعم قراري الحكومة فعلاً «فللحديث بقية».
وفي طهران، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، محمد علي حسيني، إن بلاده ترحّب وتدعم جهود الجامعة العربية لحل الأزمة في لبنان. وقال إن «إيران تساند وتدعم أي اتفاق يحظى بالإجماع والاتفاق وقبول الأطراف اللبنانية كافة».
من جهة ثانية، رأى وزير الدفاع الإيطالي اينياتزيو لاروسا أنه لا داعي لإدخال «تعديل جذري» على أهداف العسكريين الإيطاليين الذين يشكلون عماد قوة الطوارئ الدولية في جنوب لبنان (يونيفيل). وتابع «إن الاستمرار في الكلام عن قواعد الاشتباك قد يتحول إلى خطأ».