مبارك ينتقد تطرّقه إلى وضع الديموقراطية... وعباس غاضب من خطابه أمام الكنيست
القاهرة ــ خالد محمود رمضانوقالت مصادر عربية لـ«الأخبار» إن مساعي بوش لإقناع حلفائه العرب بمواصلة الضغط على دمشق وطهران اصطدمت برغبة مصر والأردن في قيام الولايات المتحدة بدور أكثر فعّالية لتحريك ملف عملية السلام في المنطقة والضغط على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت لتسريع وتيرة المفاوضات الفلسطينية ـــــ الإسرائيلية.
وقال بوش، في كلمة ألقاها أمام المنتدى العالمي الذي افتتحه الرئيس المصري حسني مبارك وسط إجراءات أمنية مشددة، «كل دولة محبة للسلام في المنطقة من مصلحتها معارضة طموحات إيران لامتلاك أسلحة نووية». ورأى أن «السماح لأبرز دولة في العالم راعية للإرهاب باكتساب أكثر أسلحة العالم فتكاً سيكون خيانة للأجيال في المستقبل لا يمكن غفرانها. من أجل السلام يجب ألّا يسمح العالم لإيران بامتلاك سلاح نووي».
ودعا بوش جميع دول الشرق الأوسط إلى «مواجهة حماس ووقف إيران وسوريا من دعم الإرهاب». وقال «علينا أن نقف مع شعبَي إيران وسوريا الصالحين والمحترمين اللذين يستحقان حياة أفضل بكثير؛ ومن مصلحة كل شعب مسالم في المنطقة وقف هاتين الدولتين عن دعم الإرهاب». وأضاف إنه «على كل الدول في المنطقة أن تقف معاً في مواجهة حماس التي تحاول تقويض جهود السلام باستمرارها في أعمال الإرهاب والعنف».
وأكد بوش أن مصر قادرة على قيادة منطقة الشرق الأوسط إلى الإصلاحات السياسية، بما تملك من إمكانات كبيرة من ثقل سياسي واقتصادي في المنطقة، مشيراً إلى أن مصر شهدت نمواً اقتصادياً قوياً. وشدّد على أن تكون الإصلاحات الاقتصادية في المنطقة مصحوبة بإصلاحات سياسية، داعياً المنطقة إلى الاستفادة من التجارة الحرة وإزالة القيود أمام التجارة بين الدول، مشيراً إلى أن أميركا ستواصل التفاوض مع دول في المنطقة لإبرام اتفاقيات للتجارة الحرة بشكل ثنائي.
وفي الشأن الفلسطيني، أكد الرئيس الأميركي أن التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين أمر ممكن قبل نهاية العام الجاري، «لكنه يتطلب تنازلات من الجانبين بما في ذلك تضحيات قاسية من جانب إسرائيل»، داعياً الفلسطينيين إلى «مكافحة الإرهاب، ومواصلة بناء مؤسسات مجتمع حر وسلمي».
وانتقد الرئيس الأميركي وضع الديموقراطية في الشرق الأوسط، قائلاً «كثيراً ما نرى في الشرق الأوسط، السياسة حكراً على قائد واحد، والمعارضة في السجون». وأضاف «لقد حان الوقت للدول في الشرق الأوسط لأن تتخلى عن هذه الممارسات، وتعامل شعوبها بالكرامة والاحترام اللذين يستحقونهما».
في المقابل، أعلن المستشار الأمني لبوش، ستيفن هادلي، أنّ الرئيس الأميركي قد يعود لجولة ثالثة إلى منطقة الشرق الأوسط إذا «كان هناك عمل له لدفع عملية السلام». وقال بشكل واضح إنّ «تأسيس دولة فلسطينية مستقلة قد يتطلب سنوات»، لافتاً إلى أنّ «الرئيس لم يقل قطّ إنّ الأمر سيحصل خلال ولايته».
وسعت مصر إلى التنصّل من طريقة بوش في ما يتعلق بعملية السلام. وقال مبارك إنه «يخطئ من يتصور أن أحداً يمكنه أن يوفّر غطاءً لاتفاق لا يحقّق» المطالب الفلسطينية. وأضاف إن العالم كله يجب أن يدرك أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس «بحاجة الى اتفاق» يلبّي مطالب الشعب الفلسطيني ويضمن حقوقه.
وأكد الرئيس المصري أن السلام العادل هو ما يحقّق أمن الشرق الأوسط واستقراره وأن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع في المنطقة والمدخل الصحيح لمعالجة باقي أزماتها وبؤر توترها.
وفي رد على انتقادات بوش للديموقراطية، قال مبارك «إننا نمضي في استكمال أركان ديموقراطيتنا تعزيزاً للتعددية وتفعيلاً لحياتنا السياسية. نمضي في ذلك بإصلاحات تنبع من الداخل، تراعي ظروف مجتمعنا وخصوصياته وتحاذر من تجارب عديدة حاولت القفز إلى الأمام فانكفأت إلى الوراء، ومحاولات لفرض الديموقراطية من الخارج تحت ذرائع عديدة انتهت بدمار واقتتال وإزهاق للأرواح وسفك للدماء».
من جهته، أبدى الرئيس الفلسطيني محود عباس استياءه من خطاب بوش أمام الكنيست. وقال، للصحافيين عقب اجتماع مع مبارك، إنه أبلغ بوش «بمنتهى الصراحة والوضوح والشفافية» أن خطابه أمام الكنيست «أغضبنا ولم يُرضنا ولنا عليه ملاحظات كثيرة».
وعن مدينة القدس المحتلة، أكد عباس أنه «لا تستطيع أميركا ولا غيرها أن تعطي ضوءاً أخضر بالتخلي عنها»، معتبراً أن موضوع القدس مطروح على مائدة المفاوضات مع إسرائيل. وأكد التصميم على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين المستقبلية «وبالتالي لا أحد يستطيع أن يتنازل لأحد بالنيابة عن أحد فتلك مسألة مرفوضة تماماً».
وكان بوش قد تعهّد لعباس، خلال لقائهما أول من أمس، العمل على تحقيق «حلم» الدولة الفلسطينية. وأضاف إنه يتعهّد العمل مع عباس وإسرائيل على «تحديد» دولة فلسطينية. وتابع «إنني أفعل هذا لسببين: الأول لأن قلبي ينفطر لرؤية قدرات الفلسطينيين الواسعة تتبدّد.... والثاني لأنها الطريقة الوحيدة للحصول على سلام دائم».
إلى ذلك، أكد النائب الإسرائيلي يوسي بيلين، بعد لقاء مع عباس في شرم الشيخ أمس، أن الرئيس الفلسطيني ينوي الاستقالة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل هذه السنة. وقال إن «أبو مازن ليس متشائماً تماماً حيال إمكان التوصل إلى اتفاق، لكنه قال لي إن اختلافات كبيرة لا تزال قائمة بين الطرفين وإنه يريد الاستقالة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق في غضون الأشهر الستة» المقبلة.