معاريف ـ عوفر شيلح هل يرغب الجيش الإسرائيلي في عملية عسكرية كبيرة في القطاع أم لا؟ أحد ما أبلغ كل المراسلين العسكريين ممن يعلن بعضهم فقط عما يقوله لهم لابسو البزات (العسكرية)، وبعضهم جعل هذا موقفاً شخصياً جداً. في المقابل، تصدر من وزارة الدفاع تصريحات نفي هزيلة، تتحدث عن أنه ليس هناك تغيير في موقف كبار المسؤولين بالنسبة لجدوى القيام بخطوة برية كبيرة في القطاع. إذاً من تصدّقون؟
صدّقوا بأن الحقائق الأساسية لم تتغير. فليس لدى أحد من رجال الجيش، بمن في ذلك أولئك الذين يدفعون نحو العملية لأنهم يعتقدون حقاً بأن العملية حتمية ــــ وبعضهم أيضاً يؤمن بأنه يمكن تنفيذ الخطوة الأساسية ذات الثمن الأدنى بكثير مما يظنّه أصحاب القرار ــــ ليس لديهم أي جواب حقيقي على السؤال الأساسي: ماذا عن اليوم التالي؟ ليس لديهم سيناريو بديل لواحدة من الإمكانيتين غير المشجعتين على الإطلاق: إما أن تحتفظ إسرائيل بقوات كبيرة في غزة لفترة زمنية، حيث ستجد نفسها بالتدريج تلعب لعبة القط والفأر، وتكون قابلة للإصابة من الفأر الحمساوي، أو أن تخرج من هناك ويبدأ كل شيء من جديد، ولكن هذه المرة، فقط، مع إحساس أقوى بالقصور.
هل يريد رئيس الوزراء ووزير الدفاع، عملية في غزة؟ لو كانا يؤمنان بها، لكانت وقعت منذ زمن بعيد. باراك لا يمكنه الاختلاف مع ما يقوله له رجال الجيش، وأولمرت بالتأكيد لا يمكنه. من جهة أخرى، باراك يعرف بأن كل مبرر وجوده كوزير للدفاع، القشة الأخيرة التي تبقي على آماله السياسية والشخصية، متعلقة في أن يحقق شيئاً ما للنقب الغربي. وإلا، فليس بينه وبين عامير بيرتس غير غطاء المنظار (الذي شوهد بيرتس ينظر عبره وهو مغلق). أولمرت يعرف بأنه مشبوه فوري، في أن كل خطوة له ستعدّ من منتقديه محاولة ساخرة لصرف الانتباه.
إذاً ما الذي بقي؟ بقي الانتظار. أن تتراجع «حماس»، الموجودة تحت ضغوط كبيرة بحد ذاتها، أولاً. أو لا سمح الله، ومحظور قول ذلك خشية الاتهام بالسخرية. ولكن ما العمل؟ يحصل شيء ما بعده نكون ملزمين بالعمل باسم الدم المشتعل.
هذا ما حصل في السور الواقي (هو أيضاً لم يوقف الإرهاب وكان ينبغي تكراره المرة تلو الأخرى)، وفسر بعد ذلك كتوقع فهيم من آرييل شارون للحظة المناسبة للشرعية. بقي الانتظار إلى أن تختفي آخر بوادر المنطق، مثلما حصل لنا غير قليل من المرات في الماضي، وانتهى أخيراً على نحو سيئ.
وفقط للفهم البديل الذي يقول إن إزاحة حكومة «حماس» بالقوة لن تجدي شيئاً، وإنه يجب الحديث معها ليس فقط بالقوة بل بكل الوسائل، إذ إن القوة لن تجلب الهدوء، فقط هذا الفهم لا يجد من يشتريه. ومن كان كهؤلاء عندنا؟