أطلقت طهران أمس الموقف الأوضح لها في شأن الأزمة اللبنانيّة، إذ عبّرت عن رفضها تجريد حزب الله من سلاحه، وحمّلت واشنطن وغيرها من أطراف لم تسمّها، مسؤولية عرقلة الحلّ.أمّا سوريا وتونس، فقد شدّدتا على دعمهما لكل الجهود الرامية إلى دفع الأفرقاء اللبنانيين إلى تحقيق التوافق من أجل تجاوز الأزمة الحالية، التي كانت مدار بحث بين وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس ونظيرته الأميركية كوندوليزا رايس.
ونقلت وكالة أنباء «مهر» الإيرانية شبه الرسمية عن المتحدث باسم الحكومة غلام حسين إلهام قوله، في مؤتمر صحافي، إنّ «قضية تجريد المقاومة من قدرتها الدفاعية ستكون خطوة على طريق تعريض الأمن العام في لبنان لخطر الاعتداءات».
وردّاً على سؤال في شأن جواب إيران على طلب اللجنة الوزارية المنبثقة من الجامعة العربية بالمساعدة على تسوية الأزمة اللبنانية، أشار إلهام إلى أنّ «حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتقد أن مشكلات لبنان الداخلية يجب أن تُحلّ بواسطة الأطياف اللبنانية».
ورأى إلهام أنّه «كلما كان الحل بعيداً عن تدخلات الأجانب، وخصوصاً الأميركيين والدخلاء الذين يتدخلون بالقوة ويعملون على توسيع رقعة الاضطرابات، فإن تأثيره سيكون أفضل».
من جهته، رأى رئيس مجلس الوزراء السوري محمد ناجي عطري، خلال الجلسة الافتتاحية للجنة العليا المشتركة التونسيّة ــــ السورية، أن «الأزمة الحالية في لبنان هي شأن داخلي، وبالتالي فإن حل هذه الأزمة مرهون بالحوار والتوافق بين جميع اللبنانيين». وأكد دعم بلاده للجهود التي تبذلها اللجنة الوزارية العربية بهدف التوصل إلى اتفاق بين الأطراف اللبنانية. وأعرب رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي، خلال الجلسة التي عقدت في تونس، عن أمل بلاده أن «تُوَفَّق الأطراف السياسية في تجاوز الأزمة الحالية وتتوصل إلى مصالحة وطنية شاملة تمكّن من تفادي مخاطر الانقسام وضمان الاستقرار».
وفي واشنطن، دعا وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس الزعماء اللبنانيين إلى التوصل إلى اتفاق في أقرب وقت ممكن، وذلك إثر محادثات أجراها مع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس.
وقال موراتينوس: «تحدثنا عن لبنان حيث الوضع لا يزال هشاً للغاية». وأضاف: «نحن على اتصال وثيق بالقطريين وباقي الممثّلين العرب لتشجيعهم على التوصل إلى اتفاق نهائي». وأوضح أن التوصل إلى اتفاق «في أقرب وقت ممكن يكون أفضل، لأننا بحاجة إلى استقرار لبنان ووحدته».
وفي عمّان، هاجم المراقب العام السابق لجماعة «الإخوان المسلمين» في الأردن، عبد المجيد الذنيبات، حزب الله قائلاً إنه «فقد دوره وشرعيّة سلاحه». وانتقد أيضاً قوى سياسية أردنية وقّعت بياناً مسانداً، بينهم الأمين العام لحزب «جبهة العمل الإسلامي»، الذراع السياسية لـ«الإخوان»، زكي بني أرشيد، مشيراً إلى أن تصرفه «فردي لا يمثّل الحركة الإسلامية الأردنية التي ترى أن على اللبنانيين اللجوء إلى الحوار لحل خلافاتهم الداخلية».
وقال الذنيبات، في مقال في صحيفة «الغد»، إنه «منذ حرب تموز عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله التي توقفت بقرار دولي، توقّف دور حزب الله المقاوم وانكفأ إلى العمل السياسي في الداخل». ورأى أن صراع حزب الله «للسيطرة في لبنان أفقده دوره وشرعية سلاحه لاستخدامه في الشأن الداخلي».
وفي برلين، كتبت صحيفة «شتيرن» تحت عنوان «انتصار المعارضة اللبنانية: حزب الله لا يريد السلطة»: «تمكّن مقاتلو حزب الله من السيطرة الكاملة على شوارع العاصمة اللبنانية في خلال ثماني ساعات. سيطروا على بيروت بسرعة. سلّموها إلى الجيش اللبناني بسرعة. واختفوا من شوارع العاصمة بسرعة أيضاً. هذا التصرّف يعني بوضوح أن حزب الله لا يسعى لتحقيق انقلاب عسكري والسيطرة على الحكم في لبنان، لأن من يرغب في الانقلاب وتسلّم مقاليد السلطة في البلاد يتصرّف عكس هذا التصرّف تماماً». وقال المعلّق السياسي، يان روبل، في افتتاحية المجلة: «صحيح أن ثقافة الخوف والرعب تسيطر في هذه الأثناء على شوارع لبنان، لكن هذا الخوف مثّل فرصة كبيرة ومدخلاً لحلحلة الكثير من العقد والمشاكل التي تولّدت بين جميع القوى السياسية والأحزاب اللبنانية في السنوات الماضية».

(الأخبار، أ ف ب، أ ب، يو بي آي، رويترز)