القاهرة ــ الأخبارذكرت مصادر عربية في القاهرة، أمس، أن العلاقات المصريّة ـــــ السورية مرشحة للتدهور في الفترة القليلة المقبلة بسبب «امتعاض» القاهرة من تجاهل دمشق لها وعدم إطلاعها على تفاصيل المفاوضات غير المباشرة التي تعقدها في تركيا مع إسرائيل.
وقالت المصادر إن «مصر علمت بالمفاوضات من الجانبين التركي والإسرائيلي»، مشيرة إلى أن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أطلع الرئيس المصري حسني مبارك في لقائهما في منتجع شرم الشيخ على طبيعة المفاوضات بين السوريين والإسرائيليين. وقالت المصادر إن باراك أبلغ مبارك أنه «إذا مضت المفاوضات في مستواها الأول بشكل جيد، فإنه يمكن الترتيب لنقل المحادثات إلى مستوى سياسي أرفع على مستوى رئيسي المخابرات أو وزيري الخارجية تمهيداً لإقرار اتفاق نهائي للسلام بين دمشق وتل أبيب». وتشير المصادر إلى أن باراك «متحمس للمسار السوري منفرداً، بينما رئيس وزرائه إيهود أولمرت يرغب في التركيز على المسار الفلسطيني».
مصر، من جهتها، غير متفائلة من ارتفاع مستوى المحادثات، مشيرة إلى أن «التحفظ الأميركي على الرئيس بشار الأسد ووضع سوريا ضمن دول محور الشر وفقاً للتصنيف الأميركي قد جعل الإسرائيليين يمتنعون في السابق عن التجاوب مع المحاولات التركية المتكررة لتجديد الوساطة بين دمشق وتل أبيب. وأن الموافقة الأخيرة تزامنت مع قرب انتهاء ولاية الرئيس جورج بوش».
وترى مصر، حسب المصادر نفسها، أنه «لا أمل في التوصل إلى اتفاق سلام بين الطرفين ما دام بوش في منصبه. وأن الإعلان عن الاتفاق يمكن أن يتم في العام الأول من عمر الإدارة الأميركية التالية».
ويتوقع أن تنعكس الأزمة بين القاهرة ودمشق على الملف الفلسطيني، الذي يراه الخبراء الورقة الأخيرة للدور المصري في المنطقة، حيث تؤدي العلاقة بين مصر و«حماس» دور العامل المحفز للدور الذي فقد جزءاً كبيراً من مساحته في السنوات الأخيرة مقارنة باتساع أدوار أخرى لدول مثل السعودية وقطر، التي تجهز نفسها على ما يبدو لدور إقليمي أوسع بعد نجاحها في حل الأزمة اللبنانية.
ومع توقيع سوريا وإسرائيل اتفاق سلام أو تقاربهما، ستنتقل ورقة «حماس» إلى دمشق، الراعي الأكبر لـ«حماس»، ما يعني أن الورقة الأخيرة ستطير أيضاً، وهو سبب إضافي لامتعاض القاهرة.
وتبدو الأزمة المتوقعة مقدمة لفترة عصيبة وعصبية على مصر، بعدما خفت دورها الإقليمي رغم اعتماد نظام الرئيس حسني مبارك على أداء دور في قيادة المعتدلين العرب مع السعودية، إلا أن هناك تغيرات الآن تسحب الأوراق من القاهرة لمصلحة قوى أخرى تريد الخروج من حال العزلة مع القوى العظمى. وفي الوقت نفسه، ظهرت قوة الكيانات الصغيرة التي تتحرك بخفة وتملك خيوطاً كثيرة كما لم تشترك في حروب إقليمية واسعة. ومع رغبة نظام مبارك في الانسحاب إلى مساحة الحد الأدني، يخبو الدور وتتصرف القاهرة بعصبية ملحوظة.