بغداد ــ زيد الزبيديوبعدما بقيت تلك القضايا لمدّة طويلة قيد المساومات، أو محاطة بالسرية، أعلن أول من أمس تأكيد علني من مصادر أمنية موثوقة بأنّ «قيادة عمليات نينوى أصدرت مذكرات اعتقال بحق نائب كوران (مهدي الهركي) القيادي في الحزب الديموقراطي الكردستاني، وعدد من أعضاء مجلس المحافظة».
وكشفت التحقيقات مع عدد من المعتقلين، أنهم كانوا يعملون ضمن شبكة اغتيالات وتفجيرات خاصة مرتبطة بكوران، الذي يشغل أيضاً رئاسة فرع الحزب الديموقراطي الكردستاني في الموصل.
وبحسب مصدر مقرب من التحقيق، فإن الاعترافات قد دلّت على اشتراك الرائد أحمد الجواري في هذه الشبكة، والذي عمل فترة من الوقت مديراً لمكتب المحافظ، وجرى اعتقاله فوراً.
وأكّد المصدر أنّ اعترافات المعتقلين أظهرت أن كوران كان يشجّعهم على الاتصال بعدد من المرتبطين بتنظيم «القاعدة»، ويطلب منهم منح هذا التنظيم الإسلامي تسهيلات ماليّة ولوجستية.
وقال المصدر إنّ المجموعة المرتبطة بكوران، اعترفت بتنفيذ اغتيال الشيخ فيضي الفيضي، إمام أبرز الجوامع في حي البلديات في الموصل، واغتيال أمين سر حزب البعث المنحلّ في الموصل نجم العراقي، والمسؤول السابق في الحزب نفسه نزار يونس، إلى جانب عدد من الأطباء الاختصاصيّين وأساتذة الجامعات.
وبلغت حصيلة العملية، اتهام كوران بجرائم ضدّ الإنسانيّة، تتمثّل بإدارته شبكة التصفيات، التي نفّذت بأوامر مباشرة منه أكثر من 900 عملية اغتيال، فضلاً عن دعمه السرّي لعصابات داخل المدينة، بهدف إجبار المواطنين على تسليم حفظ الأمن لقوات «البشمركة»، بهدف جعل المدينة أكثر ارتباطاً بإقليم كردستان العراق.
وكان رئيس الوزراء، نوري المالكي، يخطّط لتعيين كوران مستشاراً للحكومة العراقية، لكن الاستخبارات العراقيّة برئاسة عبد الله الشهواني، أطلعته قبيل ذهابه إلى الموصل، على تقارير تتحدّث عن دور كوران في عمليات الاغتيال في المدينة، ما دفع رئيس الحكومة إلى إبعاد المسؤول الموصلي عن غرفة العمليات التي شُكِّلَت لقيادة الحملة الأمنية.
وذكرت مصادر أمنية في غرفة عمليات نينوى أن المالكي «لم يتوقّع حجم المفاجأة التي كانت تنتظره في الموصل»، وأبدى في ما بعد ندمه على ترك نينوى تحت سيطرة «البشمركة» طوال خمس سنوات.
وفي سياق الكشف عن سلسلة المتورّطين في المحافظة، أكّدت المصادر الأمنيّة نفسها أنّ «مذكرات اعتقال صدرت أيضاً بحقّ كل من مهدي الهركي (نائب كوران في الحزب)، ومسؤول مشاريع الإعمار في مجلس المحافظة محمد جمشيت، كما ضمّت القائمة آمر الفوج الرابع في الجيش العراقي العميد نور الدين حسين (الذي ورد اسمه في حادث تفجير الزنجيلي)».
وأشار مراقبون إلى أنّ مذكرات إلقاء القبض من الحكومة المركزية، يتمّ تنفيذها للمرة الأولى داخل إقليم كردستان، حيث اعتقلت قوة أمنية قائد الفرقة الثانية في الجيش العراقي في الموصل، العميد الركن مطاع الخزرجي، قبيل البدء بحملة «زئير الأسد»، على خلفية تورّطه «في بعض الأعمال المشبوهة».
وذكرت مصادر إعلامية في الموصل بأنّ مساعد كوران في الحزب، الهركي، نقل رسالة من البرزاني إلى نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، طلب فيها «عدم إثارة قضية كوران في الإعلام» ونقله من المدينة، وأنّ البرزاني سيتولّى معالجة الأمور بهدوء، خوفاً من نقمة أهالي الموصل على الأحزاب الكردية. وأضافت المصادر بأنّ البرزاني طلب تغيير محافظ نينوى بالتزامن مع إقالة كوران، قبل صدور مذكرة الاعتقال، لكي تبدو المسألة وكأنها تغييرات إدارية طبيعية في أعقاب الحملة الأمنية.
كذلك، أشار مصدر آخر إلى صدور أوامر اعتقال من القضاء في الموصل، بحق رئيس مجلس المحافظة، هشام الحمداني، على خلفية ثبوت تهمة تزويره شهادة بكالوريوس لنفسه، لتولّي المنصب المذكور.
وكان الحمداني يدير قبل الاحتلال محلّ صيرفة لتحويل العملة الصعبة في «بورصة باب سنجار» غرب الموصل، ثم اختفى عن الأنظار بعد خسائر ماليّة فادحة مُني بها في عام 1996 إثر هبوط سعر الدولار المفاجئ في العراق، وعاد بعد الغزو الأميركي.