باريس ــ بسّام الطيارةخصّ الرئيس الروسي السابق، رئيس الحكومة الحاليّة فلاديمير بوتين، فرنسا بلفتة «من النوع الذي يهواه» رئيسها نيكولا ساركوزي، لأن باريس أوّل محطة يزورها بوتين وهو يشغل منصبه الجديد. وكاد الاستقبال الباريسي يقول للضيف الروسي: «أنت رجل روسيا القوي»، وهو الأمر الذي يدركه العالم بأجمعه، إلا أنّ للبروتوكول حقّاً لا يمكن تجاوزه، فقد توجّه بوتين مباشرة لزيارة نظيره فرنسوا فيون، على أن يستقبله ساركوزي لاحقاً.
وبرّر المتحدّث باسم بوتين، ديمتري بيسكوف، اختياره فرنسا، لأنها تستعدّ لتولّي رئاسة الاتحاد الأوروبي بعد شهرين. إلا أنّ العارفين ببواطن الأمور يقولون إنّ الروس كانوا يحثّون الأوروبيّين على إطلاق حلقة تفاوض بشأن «اتفاق تعاون استراتيجي»، وأنّه قد تمت الموافقة على ذلك قبل ثلاثة أيام.
الملفّات التي ستضعها زيارة بوتين على طاولة المحادثات كثيرة ومتعددة، ويعوّل ساركوزي عليها كثيراً لإيجاد «دفع ذي نفحة أوروبية شرقية» لرئاسته الأوروبية. فهو يعرف أنّه قد حصل على اعتراف أميركي بدوره في شرق الخليج، بعد قبوله برفع مساهمة فرنسا العسكرية في أفغانستان والانخراط في عمليات «محاربة الإرهاب» في العالم، والقرصنة في جنوب القرن الأفريقي، وهو في طريق الحصول على تكريس «زعامة متوسّطية» انطلاقاً من فكرة «الاتحاد من أجل المتوسط». لكن حتى اليوم، ما زالت الجبهة الأوروبية مقفلة أمام فرنسا بسبب الدور الألماني ووزن السياسة الأميركية المبنية على «زخم أطلسي يزعج روسيا» التي لا تنظر بعين الرضى إلى وصول حدود الحلف إلى «حديقتها الأمامية» ونصبه صواريخ في بولندا وتشيكيا. وفي السياق، أشار مصدر مسؤول لـ«الأخبار» إلى أنّ باريس «تصدّت بقوة خلال القمة الأطلسية لطلب واشنطن انضمام جورجيا وأوكرانيا إلى الحلف». ويكشف المصدر عن أنّ «موسكو تعرف أننا ساعدنا على تجاوز هذه الأزمة وأنقذنا ماء وجه بوتين قبل خروجه من الكرملين». في المقابل، فإنّ باريس تعوّل جدّياً على «مساعدة موسكو» في الملف الإيراني النووي من أجل دفع طهران لـ«قبول حزمة الحوافز».
إلى جانب هذه الملفّات الاستراتيجية، فإنّ عدداً من الملفات الاقتصادية ستتصدّر النقاشات، بحيث يرافق بوتين كل من مسؤول الوكالة النووية الروسية ورئيس المصرف الحكومي إلى جانب رئيس عملاق صناعة السيارات «أوفتوفاز»، أحد الشركاء الصناعيين الأساسي لشركة «رينو». وسيكون ملفّ الغاز الروسي الذي يُعدّ أحد أهم مصادر الطاقة الأوروبية حاضراً بقوّة، إضافة إلى كمّ من المشاريع الاستثمارية التي ترغب باريس في أن يكون لها حصة فيها، وخصوصاً أن روسيا «تستفيد بقوة من دفق مالي بسبب ارتفاع أسعار الطاقة».