ماكليلان يكشف «دهاليز البيت الأبيض» ويعرّي «ثقافة الخداع»
واشنطن ــ محمد سعيدويذكر ماكليلان، في مقدمة كتابه المؤلف من 341 صفحة، أن أقوى زعيم في العالم طلب منه أن يتحدث باسمه ويساعده على استعادة صدقيته التي فقدها إبان الفشل في العثور على أسلحة الدمار الشامل في العراق. لهذا، وقف على منصة البيت الأبيض ليواجه الصحافيين والكاميرات، ويدافع عن سياسة بوش التي قادت إلى غزو بلاد الرافدين، محاولاً تبرئة اثنين من أكبر مساعدي الرئيس في البيت الأبيض، هما كارل روف وسكوتر ليبي.
ماكليلان، الذي ينحدر من أسرة سياسية، كان قد تولى منصبه من تموز عام 2003 حتى نيسان عام 2006. وسبق أن عمل ناطقاً باسم بوش حين كان حاكماً لتكساس في بداية عام 1999. وكان نائباً للمتحدث الذي سبقه آري فلايشر، في بداية الفترة الأولى من ولاية بوش.
المشكلة الوحيدة، بحسب ماكليلان، الذي تشير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» إليه باسمه الحركي «ماتريكس»، هي اضطراره إلى بث معلومات زائفة حاكها الخمسة الكبار في البيت الأبيض، نتيجة جهله بالحقائق، ليؤكد أن بوش خرج عن المسار بشكل مخيف، وتبنى توجهاً دعائياً في الحكم على حساب الصراحة والكفاءة.
وأوضح ماكليلان أن بوش يعتمد في الترويج للأكاذيب على الدعاية الضخمة للترويج للحرب. وخلال مرافقته وسائل الإعلام في تعاملها مع البيت الأبيض أثناء فترة الإعداد للغزو، اكتشف أن العديد من التأكيدات التي ألقى بها من على منصة قاعة الصحافة في البيت الأبيض، كانت مضللة بدرجة كبيرة. وأضاف أنه كان يوجد مسؤولان كبيران هما كارل روف وسكوتر ليبي، يجتمعان سراً في الجناح الغربي للبيت الأبيض كي يصححا روايتهما بشأن تسريب هوية عميلة الـ«سي آي إيه» فاليري بليم (زوجة السفير الأميركي السابق جوزيف ويلسون)، في الوقت الذي كانت فيه التحقيقات تلاحقهما، فيما يواصل هو الدفاع عنهما أمام الصحافة الأميركية.
وعزا اقتراح التقاط صورة للرئيس بوش وهو يتفقد بأريحية وأعصاب هادئة آثار الإعصار المدمر في كاترينا من على متن طائرة الرئاسة إلى كارل روف، قائلاً إنه ومستشار الرئيس، دان بارتليت، عارضاً هذه الفكرة واقترحا إلغاءها، إلا أنهما أبلغا في ما بعد أن روف كان واثقاً من الحاجة إلى هذه الصورة، وأن الرئيس اتفق معه. ورأى أن إعصار كاترينا، إحدى أسوأ الكوارث التي حلّت بالولايات المتحدة، موضحاً أن تعامل الرئيس الأميركي مع المصيبة سيظل «سبة في جبين الفترة الثانية من ولايته».
ويستهل ماكليلان كتابه بالمشهد الأخير من عمله في البيت الأبيض، حيث أمضى أيامه يدافع باستماتة عن كل من ليبي وروف، لينفي تورطهما في قضية بليم، في وقت كان يشك فيه بهما. وقال إن اكتشاف تضليلهما له جعل من المستحيل استمراره في أداء هذا الدور بفاعلية، مشيراً إلى أن بوش خدع أيضاً، وأصبح هو الآخر متورطاً عن غير قصد في تضليله. إلا أن كبار مسؤولي البيت الأبيض، بينهم نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني، سمحوا له، بل شجعوه على تكرار وترديد هذه الأكاذيب.
ووجه ماكليلان في كتابه لوماً شديداً للصحافة اللبرالية، التي قال إنها لم تكن على مستوى السمعة التي تتمتع بها بعد انهيار منطق الحرب في الأشهر الأولى للغزو. وقال: «لو أن هذه الصحافة، التي اتهمها ضمناً بالسكوت، ارتقت إلى مستواها المعهود من المعارضة للحرب، لخدمت البلاد خدمة كبيرة».
وقال ماكليلان إن انعدام الشفافية والاستقامة في اتخاذ القرارات دفعه إلى أن يقترح على الرئيس المقبل تعيين نائباً لرئيس هيئة موظفي البيت الأبيض، يختص بشؤون الحكم، وتكون مهمته التأكد من التزام الرئيس الدائم بالصراحة والوضوح والتسامي فوق الحزبية من أجل تحقيق الوحدة.
ويرى ماكليلان أن القصة الأهم التي أدى فيها دوراً ثانوياً تتجلى في ابتعاد بوش عن الطريق الصحيح، مشيراً إلى أن خوف بوش من انحياز الصحافة الليبرالية قد يساعد على تفسير ميل مساعديه إلى بناء جدران لعزل وسائل الإعلام.
ونقل ماكليلان عن ستيفن هادلي، الذي كان يتولى منصب نائب مستشار الأمن القومي في الولاية الأولى لبوش، قوله إن توقيعه على التأكيدات التي أوردها بوش في خطابه عن حالة الاتحاد في عام 2003، حول سعي صدام حسين للحصول على اليورانيوم لتصنيع قنابل نووية، هو مسؤوليته.
وقال ماكليلان إن التاريخ يؤكد ما انتهت إليه غالبية الأميركيين اليوم، من أن قرار غزو العرق كان خطأً استراتيجياً جسيماً. وأوضح أنه يعرف أن الحرب يجب أن تشنّ فقط عند الضرورة مثلما يعرف أن الحرب في العراق لم تكن ضرورية على الإطلاق.
في المقابل، انتقد روف ما ورد في كتاب ماكليلان عن بوش وحكومته، قائلاً إنها لا تتفق مع الأفعال التى كان يقوم بها خلال فترة عمله لهذا المنصب. وأضاف: «لا يبدو أنه كلام سكوت الذي عرفته لمدة طويلة، إنما يبدو أنه كلام شخص آخر».


ماكاين يجدّد الدفاع عن غزو العراق

دافع المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية جون ماكاين عن سياسة حزبه تجاه العراق، وتحدّى منافسه المحتمل الديموقراطي باراك أوباما بأن يذهبا معاً في جولة إلى بلاد الرافدين لمعاينة الوقائع عن كثب، مجدّداً اتهامه بالافتقار إلى الخبرة والحنكة السياسية التي تدعم وجهة نظره القائلة بأنّ الحرب كانت خطأً.
وادّعى ماكاين أنّ أوباما «يندفع لأخذ موقفه من منطلقات إيديولوجية، لا من الوقائع على الأرض، لأن ليس لديه المعرفة أو الخبرة للحكم جيداً»، مضيفاً أن «على الرؤساء أن يسمعوا ويتعلموا، وعليهم أن يحكموا جيداً بغض النظر عن مدى شعبيتهم».
من جهته، ردّ أوباما قائلاً: «لا أعتقد أنّ ماكاين أو إدارة جورج بوش لديهما حجة قوية للدفاع عن سياستهما الخارجية، لذا سيحاولون تشتيت وتسريب الموضوع من دون أن يناقشوه بعينه».
ورأى أنّه «إذا ما ذهب إلى العراق، فسيكون من أجل التحدث إلى القوات والقيادات، لا من أجل تسجيل نقاط سياسية أو تحسين موقعه».
في المقابل، توقّع القطب الإعلامي والرئيس التنفيذي لـ«نيوز كورب» (التي اشترت «وول ستريت» وشركة «داو جونز»)، روبرت ميردوخ، فوزاً ساحقاً للديموقراطيين في انتخابات الرئاسة الأميركية على خلفية اقتصادية قاتمة خلال الثمانية عشر شهراً المقبلة، واعتبر أوباما فأل خير.
(أ ب، أ ف ب)