آمال الحكام الجدد رهن موقف المستقلين
شهيرة سلّوملقد غيّرت الانتخابات التشريعية في شباط الماضي المعادلة السياسية الباكستانية، وتقدّم حزب الشعب الباكستاني، بعد خسارة زعيمته بنازير بوتو، إلى الواجهة السياسية حاصداً 87 مقعداً من الجمعية الوطنية من أصل 272 مقعداً منتخباً (الجمعية الوطنية تتضمن 342 مقعداً، بينها 60 لنساء و10 أقليات)، ما يُعادل 28.7 في المئة، فيما لحق به حزب «الرابطة الإسلامية» جناح نوّاز شريف، العائد من المنفى، والتوّاق للثأر من مشرّف الذي انقلب عليه عام 1999 وأبعده لأكثر من 7 سنوات، حاصداً 66 مقعداً، ما يُعادل 19.32 في المئة. أما حزب الرابطة الإسلامية الموالي لمشرّف فحصل على 38 مقعداً (14.8 في المئة)، فيما حصل المستقلون على 27 مقعداً، والأحزاب الأخرى كحركة القائمة المتحدة على 19 مقعداً، ومجالس العمل المتحدة على 3 مقاعد فقط، بعدما تلقى الإسلاميون ضربة موجعة في الانتخابات لصالح الأحزاب العلمانية كحزب عوامي الوطني، الذي حصل على10 مقاعد.
وعلى أثر الانتخابات، تألّفت حكومة ائتلاف وطني من حزب «الشعب» وحزب نوّاز شريف وحزب عوامي ومجالس العمل المتحدة.
التعديلات الدستورية، التي تنوي الحكومة طرحها أمام الجمعية الوطنية في نهاية حزيران (62 تعديلاً)، ستُلغي حق الرئيس في إقالة الحكومة، وتنقل مسؤولية تعيين قادة القوات المسلّحة والحكام الإقليميين إلى رئيس الوزراء، وتمنع الرئيس من الترشح للمنصب لأكثر من فترتين. كما أنّها ستسحب منه بعض الصلاحيات لصالح مجلسي الوزراء والبرلمان، بهدف إعادة العمل بالنظام الديموقراطي الذي خلخل بنيانه مشرّف بُعيد انقلابه، وتعديلاته الدستورية التي عزّزت صلاحيات رئيس الجمهورية.
وتنص المادة 238 من الدستور على أنّ تعديله يكون من مجلس الشورى، أي البرلمان بمجلسيه (الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ)، أما المادة 239 فتنص على أنّ «تعديل الدستور يجري التصويت عليه بأحد المجلسين بغالبية الثلثين، ثم يُحوّل إلى المجلس الآخر».
في الجمعية الوطنية، أحزاب الائتلاف الحكومي الأربعة (شريف انسحب لكنّه أبقى على دعمه للحكومة) لا تملك غالبية الثلثين (164 مقعداً من أصل 272)، لذا فهو سيعتمد على أصوات الأحزاب الصغيرة الأخرى والمستقلين من أجل تمرير التعديلات في الجمعيّة، وهو ما وضعه زعيم حزب «الشعب»، آصف زرداري، في خانة الاختبار، إذ قال «حينها سنعرف من يقف مع من». وإن حصل وحشد الائتلاف الغالبية اللازمة، فسيصطدم بالمجلس الثاني أي الشيوخ.
في مجلس الشيوخ ما زال مشرّف يحتفظ بالأكثرية (38 من أصل 100 مقعد)، إذ لم تجرِ فيه الانتخابات بعد، ومن المقرّر أن تجري في أواخر العام الجاري، فيما لا يملك شريف أكثر من 4 مقاعد وحزب الشعب 9 مقاعد. عندها سيضطر الائتلاف إلى انتظار ولادة مجلس الشيوخ المقبل الذي يُنتخب من المجالس المحلية التي حققت فيها أحزاب الائتلاف فوزاً ساحقاً، ما يعني أن تركيبة المجلس المقبل ستكون مشابهة للجمعية الوطنية، وإن استطاعت التعديلات أن تمرّ في الجمعية الوطنية، فلن تجد إشكالية في مجلس الشيوخ المقبل.
طريق لن تكون سالكة بل وعرة وشائكة، إذ لن تقتصر عقباتها على المسائل الدستورية، ولا سيما أن مشرّف قد يلجأ إلى إجراءات ردعيّة.