حيفا ــ فراس الخطيبانسجاماً مع سياسة «أكثر عدد من العرب على أقل مساحة من الأرض»، تتواصل هجمة المخطّطات الإسرائيلية على فلسطينيي الـ48، المندرجة ضمن محاولة قضم أراضيهم تحت غطاء القانون، إذ تعرّض النقب في الجنوب إلى عملية واسعة لهدم البيوت وتشريد العائلات، أمس، بالتزامن مع الكشف عن مخطط آخر في منطقة «المثلّث الشمالي»، لتوسيع مستوطنة «حريش»، وبناء 22 ألف وحدة سكنية، وتحويلها إلى «مدينة حريدية» في وادي عارة، تأتي على حساب مسطحات القرى والمدن العربية في النقب.
وكانت لجنة التنظيم والبناء في اللواء الجنوبي، معزّزة بقوات مدجّجة من الشرطة، أقدمت صبيحة يوم أمس على هدم منازل وخيام وحظائر في قريتي عمرة (ترابين الصانع) وطويل أبو جروال غير المعترف بهما في النقب، وتُركت 18 عائلة عربية بدوية من دون مأوى، بينها عائلة محمد ترابين الصانع، التي تضم 19 فرداً.
سياسة الهدم تأتي لتتوّج الأوضاع السيئة في أكثر من 48 قرية غير معترف بها في النقب، تفتقر أصلاً إلى الكهرباء والماء، وتخوض حرباً شاقة لإثبات ملكيتها للأرض في وجه السلطات الإسرائيلية.
ولا يبقى للكثير من الناس سوى الكلام والشكوى لتفريغ غضبهم؛ فرئيس «لجنة الأربعين» محمد أبو ضعوف، لم يكن بمقدوره سوى القول إن «جريمة الهدم تأتي في اليوم التالي للقاء وفد منظمة هيومان رايتس ووتش لجنة غولدبرغ، وتسليمها تقريراً مفصلاً بشأن سياسة التمييز العنصري التي تنتهجها السلطات ضد عرب النقب، وخصوصاً سياسة الهدم والتشريد والاستيلاء على الأراضي».
في هذا الوقت، كشفت السلطات الإسرائيلية عن مخطّط لتحويل مستوطنة «حريش» في وادي عارة، إلى مدينة يهودية حريدية وبناء 22 ألف وحدة سكنية، تضم أكثر من 130 ألف يهودي في قلب التجمّع السكاني العربي، لتلتهم عدداً من القرى العربية وأراضيها وتضيّق الخناق عليها، وتهدر بهذا المحاولات لتوسيع الخرائط الهيكلية للقرى الفلسطينية هناك. فحسب مخطّط يحمل الرقم 388، ستصبح قرية أم القطف العربية حياً في تلك المدينة.
وقال عضو الكنيست نيسم دهان (حزب شاس الحريدي)، وهو رئيس المجلس المعين كتسير ـــ حريش، إنه «جمع 9 آلاف توقيع من عائلات تعهدت بالانتقال للسكن في المدينة الجديدة المخصصة للحريديين، ودفعت مبلغاً أولياً بقيمة 500 شيكل (150 دولاراً) لضمان التعهّد». وتفيد المعلومات بأن التخطيط على شكل عنكبوت، وقد عرضها المسؤولون باسم «المدينة العنكبوتية»، رغم أنها مخطّط أخطبوطي يستهدف الوجود العربي في وادي عارة.
ورأى رئيس الكتلة البرلمانية لـ«التجمّع الوطني الديموقراطي»، النائب جمال زحالقة، أن المخطّط يهدف إلى «قلب التوازن الديموغرافي في منطقة المثلّث الشمالي، وحجز إمكان توسيع القرى والمدن العربية وتطويرها في المنطقة»، مضيفاً أن «ما وراء المخطط لا يقف عند حد سد احتياجات النمو السكاني، بل هناك دوافع سياسية وأيديولوجية لقطع التواصل بين البلدات العربية والسيطرة على الأرض». وتساءل «إذا كانت السلطة تريد حل ضائقة سكنية، فلماذا تحرم البلدات العربية في المنطقة من خرائط هيكلية تسد حاجة الأزواج الشابة إلى السكن الملائم؟». وتابع أن «السياسة الإسرائيلية العنصرية تهدم البيوت العربية وتبني مدينة لليهود، ثم تعلن بوقاحة أنها ديموقراطية».
وتعود خطة بناء مدن متاخمة للخط الأخضر إلى التسعينيات، وعرفت بخطة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون وتسمّى «النجوم السبعة»، وتهدف إلى إقامة 7 مدن يهودية في مناطق متاخمة للخط الأخضر لقطع التواصل الجغرافي بين التجمعات الفلسطينية داخل الخط والتجمعات الفلسطينية في الضفة الغربية.