حسام كنفانيقد لا يختلف اثنان على أن الفشل كان نصيب «قمّة دمشق» من حيث نتائج معالجتها للملفات المعروضة عليها، وخصوصاً الملفّين الطارئين والملحَّين الخاصين بأزمة الحكم في لبنان وبند العلاقات العربية ــ العربية؛ فلا هي خرجت بجديد بشأن الأزمة اللبنانية، ولا استنبطت أساليب حلّ الخلافات العربية، سوى بعض الجمل عن ضرورة التضامن وحتميته، حتى إنها قد تكون سبباً جوهرياً في تعميق الشرخ العربي إذا صحّ حديث «التعسكر» الذي راج قبل الانعقاد.
الفشل في موضوع لبنان ردّه السوريون إلى غياب صاحب القضيّة عن مناقشة أزمته. الذريعة فيها الكثير من الحقيقة، ولا سيما أن أي فرد غير قادر على طرح وجهة نظر الحكومة اللبنانية بتفاصيلها وحيثياتها مهما كان ضليعاً ومتبحِّراً في الشأن اللبناني، أو حتى متدخّلاً إلى العمق في الأزمة لحد كونه طرفاً فيها.
لكن هذا ما كان ليمنع طرح الأزمة باعتبارها أساس الخلاف العربي ــ العربي، بغضِّ النظر عن الحضور أو الغياب اللبناني، وبصرف النظر أيضاً عن مستوى تمثيل الدول محور الخلاف مع دمشق في شأن لبنان، ولا سيما أن المندوب السعودي لدى الجامعة العربية أحمد القطّان، الذي مثّل بلاده في القمّة، أعلن أنه كان مخوّلاً مناقشة كل الأمور بتفاصيلها في الجلسات المغلقة للقمّة.
القمّة من هذه الناحية تجنّبت الغوص في الملفات الشائكة، إذ حرص السوريون على ضمان قمّة هادئة، قد تكون الأهدأ على الإطلاق في تاريخ انعقاد القمم، فتم تجنّب ملف شائك آخر قائم على حال الانقسام الفلسطيني ومستجداته في «إعلان صنعاء» إرضاءً للرئيس الفلسطيني محمود عباس، فمرّ الإعلان مروراً عابراً في ثنايا «إعلان دمشق» مع الحرص على «التنفيذ» (كما يريد أبو مازن)، لا «الحوار» (كما تريد «حماس»).
وحتى مبادرة السلام العربية، التي لوّح وزير الخارجية السوري وليد المعلّم قبل القمّة بإعادة النظر فيها، عادت لتحظى بجولة ترويج جديدة مع انتظار «التعاطي الإسرائيلي معها». إعادة طرح فيها جزء من السعي السوري إلى تجنّب الصدام مع السعودي وملكها عبد الله «صاحب المبادرة» قبل تحوّلها إلى عربية في قمّة بيروت عام 2002.
إعادة تبنّي المبادرة وضع مقررات قمّة دمشق في أجواء غالبية القمم السابقة، وحصرها تحديداً في إطار البيان الختامي الذي أقرّه وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم في القاهرة في الرابع من آذار الماضي، ولا سيما في ما يخص العراق وجزر الإمارات والنووي السلمي.
رغم ذلك، نجحت سوريا على أكثر من صعيد، إضافة إلى حال الود والهدوء التي طبعت أعمال القمّة. النجاح الأوّل، الذي كان يمثّل تحدّياً بالنسبة إليها، تمثّل في انعقاد القمّة من مكانها وزمانها المحدّدين رغم ما أشيع في السابق عن قمم بديلة أو طارئة بذريعة الأوضاع على الساحة الفلسطينية، ورغم ضغوط واشنطن وبعض الدول العربية لمنع انعقاد القمّة في العاصمة السوريّة.
سوريا نجحت أيضاً في حشد 11 زعيماً عربياً، بينهم ثلاثة خليجيين، رغم الخلاف العميق مع السعودية، إضافة إلى حضور الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي ليس هاوياً بالمطلق حضور قمم عربية. والنجاح الأخير تمثل في لحظة دخول الرئيس السوري بشار الأسد إلى قاعة المؤتمر وترؤسه لـ«العرب» (الحاضر منهم والغائب) طوال العام الجاري.