قمّة وداع فاشلة». بهذه العبارة يمكن وصف اللقاء الأخير بين الرئيس الأميركي جورج بوش ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في منتجع سوتشي، حيث لم يتمكّنا من إيجاد حلّ لنقطتي الخلاف بينهما بشأن «نشر أنظمة الدرع الصاروخية الأميركية في القارة الأوروبية» و«توسيع حلف الأطلسي»، لتنتقل بذلك الخلافات إلى الوافدين الجديدين إلى الكرملين والبيت الأبيض.وفي مؤتمر صحافي مشترك بعد المباحثات التي استمرت يومين، شدّد بوتين على أنّ الموقف الروسي من خطة الدرع الصاروخية الأميركية «لم يتغيّر»، مشيراً إلى أنّ «الحلّ الأفضل يكمن في العمل معاً» على هذا الملف.
وقال بوتين إنّ المحادثات بدأت بمناقشة القضايا الأمنية والثنائية التي تهمّ الطرفين يوم الأوّل من أمس، حين استضاف ضيفه الأميركي مع زوجته لورا على العشاء، ثمّ دعاهما إلى حفل راقص في مدينة سوتشي التي تستضيف الألعاب الأولمبية الشتوية عام 2014.
وفي ردٍّ على سؤال عما إذا كان هو أم خليفته ديمتري ميدفيديف من سيمثل مصالح موسكو في السياسة الخارجية بداية شهر أيار، أجاب بوتين «سيكون ميدفيديف، وسيمثل روسيا في اجتماع الدول الصناعية الكبرى (مجموعة الثماني) الذي سيعقد في طوكيو في تموز المقبل». وأضاف «السيد ميدفيديف أحد صانعي السياسة الخارجية الروسية».
من جهته، قال بوش «لا يزال الطريق طويلاً» لحلّ مشكلة الدرع الصاروخية. وجدّد تأكيده لنظيره الروسي أنّ الخطة الأميركية «دفاعية، وليست هجومية». وأضاف «مما لا شكّ فيه هناك الكثير من العمل كي نقنع الخبراء بأنّ هذا النظام الدفاعي ليس موجّهاً ضدّ روسيا». كما أعاد التشديد على أنّ النظام مصمّم للتعامل مع «أنظمة قد تحاول أن تأخذنا رهينة»، في إشارة إلى إيران. وأضاف إن «النظام غير مصمّم للتعامل مع القدرة الروسية على إطلاق صواريخ متعدّدة». وعن الموقف الروسي من الملف النووي الإيراني، قال الرئيس الأميركي إنّه «يقدّر قيادة بوتين لهذا الملف».
وألقى بوش اللّوم على «فكر الحرب الباردة» الذي لا يزال يسيطر على بعض صنّاع القرار في كل من واشنطن وموسكو، والذي يحول دون التوصّل إلى حلّ لإشكالية الأنظمة الصاروخية. وقال «نمضي الكثير من الوقت في علاقتنا. نحاول التخلّص من الحرب الباردة». وتابع «كفى، لقد انتهت».
وانتهى الطرفان بالاتفاق على متابعة الحوار بشأن القضية المعضلة. ولم يوافق بوش على سؤال أحد الصحافيين عن وصف لقاء الرئيسين كأنّه «رفس السلّة إلى أسفل الطريق» جرّاء عدم التوافق على مسألة الدرع الصاروخية. وقال «لا أقدّر قولك هذا، من الضروري أن نحمي أنفسنا».
والتقى بوش أيضاً الرئيس الروسي المنتخب ديمتري ميدفيديف. وقال «التقيته لمدّة 20 دقيقة». وأضاف «بدا لي شخصاً نزيهاً، وانطباعي الأوّل إيجابي». وأوضح «أبلغته أني أتطلّع قدماً لمعرفتك كي نتمكّن من العمل معاً على حلّ المشاكل المشتركة وإيجاد فرص مشتركة».
وحاول بوش ملاطفة ميدفيديف قائلاً «يبدو أنّ هناك الكثير من الاهتمام حولك، فأنت تجذب العديد من آلات التصوير». فأجاب الرئيس المنتخب «هذا ليس مفاجئاً». وأطلع ميدفيديف ضيفه الأميركي على أنّه سيسير على خطى بوتين في ما يتعلّق بالعلاقات الأميركية ــ الروسية. وقال «خلال السنوات الثماني الماضية، عمل بوش وبوتين الكثير من أجل العلاقات المشتركة». وأضاف «هذه العلاقات مثّلت عاملاً مركزياً في الأمن الدولي». وتابع «سأقوم بدوري للحفاظ على هذا العمل».
وفي بيان مشترك صدر بعد اللقاء، قال الرئيسان «أوضح الجانب الروسي عدم موافقته على نشر درع صاروخية في بولندا وتشيكيا، وكرّر اقتراحه البديل، إلّا أنّه يقدّر المعايير التي اقترحها الجانب الأميركي للتخفيف من القلق الروسي».
واتفق الجانبان، بحسب البيان، على «تطوير اتفاقية ملزمة قانونياً» تحلّ محلّ اتفاقية الحدّ من الأسلحة الاستراتيجية «ستارت»، التي تنتهي في كانون الأوّل عام 2009. ووصف البيان اتفاق روسيا لتسليم الوقود النووي واستعادة الوقود الذي يستخدمه مفاعل بوشهر النووي الإيراني، بأنه «خطوة مرحّب بها توفّر لإيران القدرة على امتلاك الطاقة النووية المدنية».
إلى ذلك، قلل مستشار الأمن القومي الأميركي، ستيفن هادلي، من إمكان التوصّل إلى اتفاقية بشأن الأنظمة الدفاعية قبل أن يترك بوش البيت الأبيض. وقال «أعتقد أنّ هذا لا يهم، يمكن الرئيسين أن يتركا متابعة حلّ القضية إلى خليفتيهما». وعمّا إذا كانت مسألة توسيع حلف الأطلسي قد عكّرت الأجواء في محادثات بوتين ــ بوش، أجاب «أبداً. لم تسمّم لقاء سوتشي».
وإن كان حقاّ سيترك بوتين لميدفيديف حرية التصرّف في السياسة الخارجية، قال هادلي «ظنّي أنّ هذين الرجلين اللذين عملا معاً على مدى أكثر من عقدين سيحظيان بعلاقة تعاون وثيقة، وهذا شيء جيد وليس سيئاً».
(أ ب، أ ف ب، رويترز)