القاهرة ــ الأخباروقالت مصادر على مواقع أنشئت خصيصاً لمتابعة أحداث المحلّة إن رئيس الحكومة المصرية الدكتور أحمد نظيف وصل إلى المحلة سراً في ٣ سيارات، بصحبة وفد من وزراء القوى العاملة والاستثمار والتضامن الاجتماعي، ودُبرت لهم لقاءات مع مجموعات عمالية بلغت ٢٠٠٠ من بين ٣٠ ألف عامل. وأمامهم، قرر نظيف صرف منحة تعادل راتب ١٥ يوماً لكل عمال الغزل والنسيج في مصر، وراتب شهر كامل لعمال المحلة الذين لم يشتركوا في الإضراب.
الخبر الأخير أذاعته قنوات إعلام حكومية مع إعلان تقدير «الحكومة لاستمرار (العمال) في العمل من دون الالتفات إلى محاولات ضارة بالاقتصاد القومي». كما أعلن نظيف أن حكومته قررت ضخ استثمارات تصل إلى أربعمئة مليون جنيه لشراء معدات جديدة ومستلزمات إنتاج لشركة المحلة لتطوير العمل بها وضمان جودة الإنتاج، وخصوصاً بعدما تخلصت الشركة من كل ديونها لدى المصارف.
وقُدمت أيضاً عروض من الوفد الحكومي لإمداد المحلة بكميات من الدقيق وإنشاء مجمعات استهلاكية تبيع الغذاء بسعر مدعوم للعمال وغيرها من عروض اعتبرها المتظاهرون «رشوة» لن يقبلوها.
ويأتي هذا التحرك السياسي بعد ٣ أيام من التحركات الأمنية وخطة تعتيم إعلامية صوّرت التظاهرات على أنها «أعمال شغب وتخريب». وصدرت تعليمات بالتركيز على صور معينة من المحلة لخلق حالة عداء للمتظاهرين وإظهارهم في صورة عصابات بلطجة، وهو ما ردت عليه مواقع خاصة بعرض لقطات مصوّرة تثبت أن الحرائق في المحلة كانت نتيجة إلقاء عشوائي لقنابل الغاز المسيل للدموع.
وحوّلت قوات الأمن المحلّة إلى مربعات أمنية لا يمكن المرور بينها، إلا عبر موافقة أمنية. وتحاصر هذه القوات أيضاً مستشفيات المحلّة والمدن المحيطة بها لمنع تسرب تفاصيل الإصابات إلى الصحف المستقلة. ورغم ذلك، نقلت بعض الصحف عن أطباء أن رصاص الأمن اخترق أعين ٣ متظاهرين واستقر في الدماغ.
وكان النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود قد وصل إلى المحلة، أول من أمس، ليقود فريق التحقيق، وأعلن اعتقال ١٥٧ شخصاً، على أن تتخذ بشأنهم الإجراءات القانونية بأسرع وقت. وقالت مصادر في المحلة إن الأهالي استقبلوا كل الوفود الحكومية منذ اشتعال الأحداث بغضب، ولم تفرق بين مواكب المسؤولين وموكب النائب العام الذي تلقّى وابلاً من الحجارة والشتائم.
ومن المنتظر أن توجه للمعتقلين، الذين يتردد أن ١٢٠ منهم لم يعلن عنهم النائب العام، تهم «الانضمام إلى تجمهر مؤلف من أكثر من 5 أشخاص، من شأنه جعل السلم في خطر والغرض منه تعطيل اللوائح والقوانين والتأثير على السلطات في عملها، وذلك بقوة أضرّت عمداً بأملاك عامة والاعتداء على رجال السلطة ومحاولة اقتحام مصارف وتغيير اللوائح والقوانين بالتجمهر والعنف».
وقال بيان جبهة الدفاع عن متظاهري مصر إن ليلة عصيبة مر بها محامو الجبهة، بحثاً عن أماكن وجود المعتقلين «فالمحلة ثكنة عسكرية، والشرطة بهراواتها وأسلحتها وسياراتها تنتشر في كل مكان، ورائحة البارود تملأ سماء المدينة وتزكم الأنوف». ويذهب البيان إلى أنه «عندما ذهب المحامون لحضور التحقيقات في المحكمة، لم يجدوا المتهمين فتوجهوا إلى مراكز الشرطة، التي امتنعت عن إمدادهم بأي معلومات».
وبينما ألغي التصويت في جميع لجان المحلة في انتخابات المحليات يوم أمس، نظراً إلى الحالة الأمنية، حدثت مفاجأة تمثلت بتنازل مرشحي الحزب الوطني أمام مرشحي أحزاب المعارضة عن ١٥ مقعداً، وهو تصرف لم يصدر تفسير رسمي بشأنه.
وكانت الانتخابات قد بدأت صباح أمس وسط فتور وعزوف من الناخبين عن المشاركة في انتخاب نحو 52 ألفاً من رؤساء البلديات والمجالس المحلية. وتجرى الانتخابات على 30 في المئة من المقاعد بعد فوز الحزب الوطني بنسبة 70 في المئة الباقية بالتزكية. وفيما قاطعت جماعة «الإخوان المسلمين» الانتخابات، تشارك أحزاب المعارضة التقليدية، في مقدمها حزب «الوفد»، بـ٦٠٠ مرشح و«التجمع» بـ٤٠٠ مرشح.
وتأتي أهمية هذه الانتخابات بعد تعديل دستوري أجري عام 2005 يحتاج من يريد الترشح مستقلاً لمنصب الرئاسة إلى تزكية من 62 عضواً منتخباً في مجلس الشعب و25 عضواً في مجلس الشورى و140 عضواً في المجالس المحلية للمحافظات.