strong>حكومة المالكي تحتفي بسقوط العاصمة... والمرجعيّة ترفض بتّ مصير «جيش المهدي»بغداد، واشنطن ــ الأخبار
شهد العالم عبر الفضائيّات، أمس، حلقة جديدة من مسلسل شهادات قائد قوات الاحتلال في العراق، ديفيد بيترايوس، والسفير الأميركي لدى بغداد، ريان كروكر. شهادة الأمس، تميّزت باعتبارات عديدة، لم تتوافر في شهادتهما السابقة أمام الكونغرس في منتصف تمّوز الماضي:
ــ أوّلاً تزامنها مع أكثر الظروف السياسيّة والأمنيّة دقّةً في العراق، من ناحية وصول العلاقة المتفجّرة بين حكومة نوري المالكي والتيّار الصدري إلى ذروتها.
ــ ثانياً، أنّ تقرير كروكر ــ بيترايوس حمل أبعاداً انتخابيّة داخليّة في السباق الرئاسي نحو البيت الأبيض، فجاءت توصيات الرجلين منسجمة تماماً مع «رؤية» الرئيس جورج بوش ومؤيّديه من جمهوريّي الكونغرس، وهو ما عكسته الإشادة الكبيرة التي قدّمها جون ماكاين لخلاصاتها، وخصوصاً في ما يتعلق بتجميد انسحاب القوّات الأميركيّة من بلاد الرافدين، ابتداءً من تمّوز المقبل.
ــ ثالثاً، أنّ الشهادة التي ستُتابَع اليوم، على أن يعلّق عليها بوش غداً، مثّلت انعطافة كبيرة في رؤية الطبقة العسكريّة والسياسيّة الأميركيّة لهويّة «العدوّ الذي يهدّد جهود الأمن والاستقرار في العراق». عدوّ يبدو أنّ إيران، «صاحبة الدور التدميري»، باتت تمثّله حصريّاً بالنسبة إلى واشنطن، إذ إنّ «القاعدة»، بحسب الشهادة نفسها، فقد الكثير من نفوذه.
ورأى بيترايوس أنّ زيادة عديد القوات الأميركية أثمر تحسّناً «كبيراً، ولكنه غير متساوٍ»، في الوضعين الأمني والسياسي. وأوصى باعتماد «فترة 45 يوماً للمراجعة والتقويم»، بعد انسحاب آخر لواء قتالي من التعزيزات (التي أوصى بها التقرير السابق والتي تُقَدَّر بـ 30 ألف جنديّ)، يُجَمَّد خلالها سحب أي قوات جديدة بانتظار قرار جديد في هذا الشأن. واتهم الجنرال الأميركي إيران بتأدية «دور تدميري» في العراق، «عبر تمويل وتدريب المجموعات الشيعية باستخدام خلايا، يُطلَق عليها اسم المجموعات الخاصّة». وأضاف: «تلك المجموعات تطرح التهديد الأكبر، على المدى الطويل، للديموقراطية في العراق». ميليشيات جزم الجنرال بأنّها «تتدرّب على يد حزب الله اللبناني وإيران وتقصف المنطقة الخضراء بالصواريخ».
ورأى أنّ «القادة العراقيّين يدركون الآن بوضوح التهديد الذي تمثِّله إيران على بلدهم، ويجب علينا أن نراقب بدقة أفعال إيران خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، لأنها ستُظهر نوع العلاقة التي تتمنّى إيران بناءها مع جارها، ونوعية الانخراط الإيراني في العراق مستقبلاً».
ورأى أن ذروة الضرر الذي يمثله النفوذ الإيراني «ظهر جلياً حين قام عناصر الميليشيات الذين دربتهم وسلّحتهم إيران وحزب الله بالصدام مع قوات الحكومة العراقية في البصرة وبغداد»، في إشارة إلى المعارك التي دارت ضمن حملة «صولة الفرسان». وجدّد بيترايوس دعم إدارته للخطوات التي يسير بها المالكي ضدّ «جيش المهدي، لأنّها تنال موافقة غالبيّة شعبه وغالبيّة الكتل السياسيّة».
بدوره أشار كروكر إلى أنّ النجاح «لا يعني أن الدعم الأميركي يجب أن يكون مفتوحاً (لحكومة المالكي)، أو أن مستوى التزامنا وطبيعته يجب ألا يتناقصا مع الوقت». وردّاً على أسئلة أعضاء الكونغرس، رأى كروكر أنّ إيران «تعتمد استراتيجيّة لبننة العراق لتحقيق أهدافها». وعن دور سوريا، قال إنّها «تمنع تدفُّق المقاتلين للعراق لكنّها توفّر ملاذاً لمموّلي المتمرّدين».
وحول الاتفاقيّة المزمَع توقيعها مع حكومة بغداد، أوضح كروكر أنّها «لن تحدّد عديد القوّات الأميركيّة التي ستبقى، ولن تنصّ على إقامة قواعد دائمة في العراق ولن تقيّد أيدي الإدارة المقبلة».
وتلقّى المسؤولان انتقادات كبيرة من ديموقراطيّي الكونغرس، وقُوطع كلامهما وكلام ماكين، «المعتاد على مثل هذه الأوضاع» على حدّ تعبيره، أكثر من مرّة، بهتافات ناشطي السلام داخل القاعة الذين أُخرجوا، في مشهد بات يتكرّر في كلّ مناسبة تتعلّق بمهمّات خارجيّة للجيش الأميركي.
بدورها، حمّلت المرشّحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، القادة العراقيّين، مسؤوليّة الوضع المتردّي في بلاد الرافدين، قائلةً: «في كلّ مرة، يفشل القادة العراقيّون في الوصول إلى المنجزات»، مكرّرة إصرارها على «عودة جنودنا إلى الوطن».
في هذا الوقت، أعلن مقتدى الصدر تأجيل التظاهرة «المليونيّة» المناهضة للاحتلال، التي كانت مقرّرة اليوم في الذكرى الخامسة لسقوط بغداد، فيما أعلن مجلس الوزراء العراقي، هذا اليوم، عطلة رسمية في كل الدوائر العامة، من دون أي إشارة إلى سبب هذه العطلة.
وبرّر الصدر قرار التأجيل بـ«خوفي على الشعب العراقي، والحرص على حفظ دمائهم». وحثّ الحكومة على «الكفّ عن هدر دماء الشعب وأعراضه والتحزب الذي استشرى في مفاصل الدولة، والمطالبة بخروج المحتل بدلاً من أن تطلب المستحيل»، في ما فسّره البعض بأنّه إشارة إلى حلّ «جيش المهدي».
كما لوّح الصدر بـ«رفع تجميد» أنشطة «جيش المهدي»، في ما يمكن اعتباره ردّاً على تهديد المالكي بمنعه من المشاركة في الانتخابات المحلية، إذا لم يحلّ الميليشيا. وأوضح الصدر أنّ «جيش المهدي» «سيكون يداً بيد مع شعب العراق من أجل توفير كل ما يحتاج إليه من أمن واستقرار واستقلال». وأشار إلى أنّه «إذا اقتضت المصلحة رفع التجميد لأجل تطبيق أهدافنا وعقائدنا وثوابتنا، فسنفعل ذلك لاحقاً».
في المقابل، أكد المالكي ورئيس «المجلس الأعلى الإسلامي» عبد العزيز الحكيم، أنّ «المرجعية الدينية تدعو دائماً إلى احترام هيبة الدولة، وأن يكون السلاح بيد الحكومة»، في ردّ على ربط الصدر قراره بحلّ تنظيمه العسكري، بموافقة المرجعيات الدينيّة.
لكن المتحدث باسم المرجع علي السيستاني، حامد الخفاف، شدّد على أن «المرجعية ترفض التعليق على طلب الصدر إبداء المشورة في مسألة إبقاء ميليشيا جيش المهدي أو حلها». كذلك أشار المرجع كاظم الحائري إلى أنه لا يستطيع أن يوصي « بحلّ جيش المهدي، ولا بإبقائه».
وفي طهران، دان المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة الإيرانية، محمّد علي الحسيني حسيني، في بيان واحد، الهجمات التي تعرّضت لها المنطقة الخضراء، واستهداف قوّات الاحتلال المناطق السكنية في بغداد والبصرة. وقال: «من وجهة نظر إيران، فإنّ مهاجمة المنطقة الخضراء التي تقع فيها مؤسّسات وأجهزة الحكومة العراقية المنبثقة من الشعب والمراكز الدبلوماسية عمل مدان جداً».
وتجدّدت الاشتباكات العنيفة في مدينة الصدر أمس، ما أودى بحياة 12 على الأقلّ، وجرح العشرات. وأعلن الجيش الأميركي مقتل ثلاثة من جنوده، ليرتفع بذلك عدد قتلاه في اليومين الأخيرين إلى 10.