بغداد ــ الأخباربعد مرور خمس سنوات على غزو العراق واحتلاله، لا يزال البعض يتحدّث عن وجود «خيانات» في صفوف القيادات العسكريّة العراقيّة، سهّلت على القوّات الغازية حسم المعركة ودخول بغداد في التاسع من نيسان عام 2003.
الموضوع لا يزال في خانة التخمينات، إذ يختلف الضبّاط السابقون في تقويم التجربة التي انتهت إلى حلّ الجيش بموجب قرار الحاكم الأميركي السابق بول بريمر.
ويعزو عدد كبير من الضبّاط، ممن شاركوا في المعركة الأخيرة ضدّ الجيوش الأميركية والبريطانيّة، انهيار الجيش العراقي، إلى انعدام التكافؤ بين الطرفين في جميع النواحي العسكرية واللوجستية والاقتصادية والتخطيطية والبشرية، وهو ما لم يكن خافياً على القيادة العسكرية العليا. لكنّ هذه القيادة كانت مغيَّبة ومشلولة بسبب سيطرة القيادة السياسية على مجريات الأمور، وحصرها القرار العسكري بيدها.
ويشدّد الفريق الركن إبراهيم التكريتي، الذي قاد إحدى الفرق العسكرية خلال معارك عام 2003، على عدم وجود خيانات في القيادة العسكرية العراقية، ويصف ما أُشيع بأنه «جزء من الحرب النفسية للإساءة إلى سمعة الجيش ومآثره طوال مسيرته الطويلة في الحفاظ على أمن وسيادة وتراب العراق ووحدته». ولا يستطيع التكريتي أن يكتم تقويمه لما حصل باعتبار أنّه «يمكن تلخيص الموضوع بأنّ الجيش العراقي ظُلم في هذه الحرب التي زُجّ بها وهي فوق طاقته وقدرته».
وعن هذا الموضوع، يلفت أحد كبار الضبّاط في جامعة البكر العسكرية التي تمّ حلّها، إلى أنّ الخطة الدفاعية العراقية «وُضعَت وفق تصوّرات القيادة السياسية، ولم توضع وفق تصورات القيادة العسكرية، التي لم تكن حرة في اتخاذها القرار العسكري المناسب وفق ظروف كل معركة».
ويقول «كان من المفترض أن تعطي القيادة السياسية تصوّراتها للقيادة العسكرية، وتترك لها حرية التصرف في كيفية إعداد الخطة الدفاعية وتحريك القطعات وإدارة المعركة، لا أن تتدخّل هي في تفاصيل القرار العسكري وهي جاهلة فيه، وهذا ما سبّب إرباكاً كبيراً لدى القطعات العسكرية التي كانت تنتظر الأوامر من القيادة العليا في أشدّ الظروف حراجة، وبالتالي فقدت هذه القطعات حرية المناورة واتخاذ القرار الصائب وفق ظرف المعركة التي يقدرها آمر التشكيل العسكري».
وفي السياق، يشير المقدّم الركن دحام محمد، أحد قادة قوات الحدود في الجيش السابق، إلى أنّ الحرب التي خاضها الجيش العراقي كانت «معركة سياسية أكثر ممّا هي معركة عسكرية»، إذ لم يكن هناك تكافؤ بين الفريقين. وعن حصول خيانات داخل صفوف الجيش العراقي، لا يزال محمّد يستبعد هذا الاحتمال. ويعزو الإخفاق الكبير إلى واقع أنّ القيادة العراقية آنذاك «دخلت المواجهة لأنها كانت تأمل أن يكون هناك قرار سياسي يعمل على إيقاف المعركة في وقت مبكر، وقبل أن يتحقّق أي خرق كبير لمصلحة الجيش الأميركي».
ويرى العميد الركن في الجيش السابق، وسام الخزرجي، أنّ من أهم الأسباب التي أدّت إلى الانهيار السريع في الجيش هو سيطرة الطائرات المعادية على الأجواء، وانكشاف القطعات العراقية كلياً أمامها، في غياب أي غطاء جوّي عراقي، «حيث تمكّنت من ضربها وتمزيقها، ما أدّى إلى انقطاع الاتصال بين القيادة والقطعات العسكرية».