كان ناظم محمود الجبوري (30 عاماً) من الأعضاء الستّة في قيادة «القاعدة» في العراق، لكنه اليوم انتقل إلى الجانب الآخر، وتحديداً إلى قيادة مجموعات «الصحوة» التي تتعاون مع الاحتلال الأميركي في بلدته الضلوعيّة، أحد معاقل المتطرّفين في وسط بلاد الرافدين. وبمساعدة 650 مسلّحاً كان بعضهم يقاتل في صفوف «القاعدة»، يتولّى الجبوري منذ خمسة أشهر، مسؤولية الأمن في الضلوعية (شمالي بغداد) إلى جانب الشرطة العراقيّة. وكانت هذه البلدة الزراعية، البالغ عدد سكّانها 62 ألف نسمة، خاضعة لسيطرة «القاعدة» طوال أشهر طويلة.ويقول الجبوري: «كنت واحداً من ستة أعضاء في مجلس شورى المجاهدين» (تنظيم يضمّ «القاعدة» والفصائل التي تدور في فلكها)، كما كنت مسؤولاً عن الدعاية في المجلس». ويضيف: «التقيت أبا مصعب الزرقاوي في حزيران 2005 عندما صُوّر وهو يطلق النار من رشّاش كبير في الصحراء».
وينتمي الجبوري إلى عائلة دينية تحظى بالاحترام في الضلوعية. وبعد دراسات إسلامية، عُيّن في عام 1998 إماماً للمسجد الرئيسي في البلدة بفضل موهبته في الخطابة. وقد اختار رجل الدين «طريق السلفية الجهادية» فور الغزو الأميركي، وانخرط في صفوف «الجيش الإسلامي»، أحد أكبر فصائل المسلّحين من العرب السنّة. لكنّه سرعان ما انتقل إلى «القاعدة» بعد لقائه مقاتلين إسلاميين أثناء اعتقاله مرّتين على أيدي الأميركيّين.
ويشرح الجبوري من وراء مكتبه في مجلس «الصحوة»، الذي يتّخذ من مقرّ حزب البعث السابق مقرّاً له، «لقد حاربنا القوات الأميركية أربع سنوات، فقدنا خلالها مئة من أفضل الشبّان لدينا. لم يكن بوسعنا أن نربح المعركة».
ويؤكّد الجبوري تخلّيه عن اقتناعه بقيام دولة إسلامية «ترفضها الغالبية العظمى من العراقيين. فـ«القاعدة» يخسر بسبب الشبان العرب الذين لم يفعلوا شيئاً سوى الاعتداء على المدنيين، حيث إنّهم قتلوا، خلال سنة واحدة فقط من وجودهم في البلدة، 197 شخصاً، ما أدّى إلى فقدانهم دعم السكّان».
من جهته، يقول قائد الشرطة في البلدة، العقيد محمد خالد عبد الحميد، «كان ناظم أحد الأشخاص الطيّبين. قام بعمل جيد ضدّ الأميركيّين، لكنه لم يستهدف الشرطة».
ويضيف العقيد ضاحكاً «عندما تولّيت قيادة الشرطة في البلدة في تموز 2007، كان هو في طور الانتقال، واليوم نكسب الكثير بوقوفهم معنا». وبنتيجة انتقاله من دفّة مقاتلة الأميركيّين إلى معسكر المتعاونين معهم، يشير الجبوري إلى أنّ قائد «القاعدة» في العراق، المصري المعروف باسم أبي حمزة المهاجر، «وضع جائزة لقتلي قيمتها مئة ألف دولار». وقد نجا بالفعل، رغم تمتّعه اليوم بحماية دائمة، من محاولات عديدة لاغتياله، كانت آخرها متفجرة وضعت تحت منبره في المسجد تركت ندبة في ساقه اليسرى.
ويتابع الجبوري «أعمل مع الأميركيّين من أجل ترسيخ الأمن في البلدة، وتعاوني معهم يقف عند هذا الحد. ما زال رجالي يعدّون أنفسهم مقاتلين إسلاميين، لكنني لا أعتقد بأنهم سيعودون إلى صفوف «القاعدة» مجدداً بعد شعورهم بالأمن».
ويواصل رجل الدين، الذي لا يزال موهوباً في مجال الدعاية، توزيع الشرائط المصورة على القرويّين، تتضمّن خطبه الشديدة اللهجة ضدّ «القاعدة». ويختم قائلاً: «طموحي الوحيد هو دمجهم في الشرطة والجيش. أمّا بالنسبة إلي، فإنني أريد شيئاً واحداً، هو عودتي إلى المسجد».
(أ ف ب)