باريس ــ بسّام الطيارةأمّا مقاطعة الشركات العالمية على خلفيّة الوضع الإنساني في دارفور، فقد جاءت من نيويورك من جمعية «حلم الأولمبياد من أجل دارفور» والتي يشارك فيها ناشطون من دول عديدة، من ضمنها منظمة «مراسلون بلا حدود».
وقد اختارت هذه المنظّمات عدداً من الشركات العالمية التي ترعى الدورة، ووضعتها على لائحة «سوداء» في ربط مباشر بين الصين ودارفور. وتذكّر هذه الضغوط بتلك التي تعرّضت لها الصين في بداية العام الماضي، رغم تأييدها للقرار الذي أصدره مجلس الأمن الدولي في العام الماضي، تحت الرقم ١٧٦٩ وبموجبه تمّ نشر «القوّات المختلطة» في الإقليم المضطرب. ويرى الكثير من المراقبين أنّ هذه الضغوط جاءت على خلفيّة «عقود نفطيّة كبرى» بين بكين والخرطوم وتزايد تجارتهما البينيّة.
وفي السياق، ربط العديد من المتابعين، تردّد كوشنير في ذكر الصين، عند تناوله موضوع دارفور في مؤتمره الصحافي الأخير، بالمصالح الاقتصاديّة التي توفّرها الصين. فالسلطات الفرنسيّة تعرف أنّها لا تستطيع مجاراة «التطرّف» الذي يطالب به الناشطون وتروّج له وسائل الإعلام عبر الربط بين القضيّتين. فالصين باتت قوة صناعية كبرى لا مجال لتجاوزها، وسوقها تستطيع أن تدفع وتدعم معدلات النمو العالمي لعقدين أو ثلاثة مقبلة، بسبب حاجتها العالية لهيكلية صناعية يستطيع تأمينها الغرب، إضافة إلى السلع الاستهلاكية ذات القيمة المضافة المرتفعة.
كما لا يغيب عن بال فريق ساركوزي، البُعد الاستراتيجي لمواقف الصين على الساحة الدولية. فهي نظرت شذراً لإعلان استقلال كوسوفو، خوفاً من تمدّد الحالة الاستقلاليّة إلى تايوان والتيبت. وتعرف بكين أن فتح الباب أمام تدخل الجمعيات الإنسانية، هو مدخل لعملية معروف كيف تبدأ، لكن لا يستطيع أحد تقدير متى تنتهي. والسوابق أفضل دليل على ذلك، من الصومال في مطلع التسعينيات، إلى دارفور مروراً بتيمور الشرقية.
وجميع هذه الأقاليم والدول، دخلت في دائرة العنف بعد موجة من الاحتجاجات قادتها الجمعيات الإنسانية ورفعت خلالها شعارات حقوق الإنسان، التي لم يكن الدكتور كوشنير بعيداً عنها.
على العموم، يبدو أنّ السلطات الصينية تعرف أنّ الحكومات الغربية لا تريد أن «تذهب الجمعيات الناشطة» بعيداً في تأليبها الرأي العام الغربي، حتى لا تكون الحكومات الغربية مجبرة على مزايدة تقودها إلى «تعكير علاقاتها بالصين».