بغداد ــ الأخبار3 ملايين عراقي محاصرون في مدينة الصدر والسيستاني مع «حصر السلاح بيد الدولة»
تصاعدت حدة التوتر أمس بين التيار الصدري وحكومة نوري المالكي، على خلفية تضييق الحصار السياسي والأمني على الصدريّين، ما دفع قائد قوات الاحتلال في العراق ديفيد بترايوس إلى التحذير من انهيار الهدنة مع «جيش المهدي». أمّا الرئيس الأميركي جورج بوش، فجاءت كلمته عن تقرير جنرال حربه وسفير بلاده لدى العراق ريان كروكر كما كان متوقّعاً، إذ تبنّى توصية تجميد سحب قوات بلاده، وخيّر إيران ما بين «العيش بسلام» في بلاد الرافدين، أو مواجهة دفاع بلاده عن مصالحها.
وتبنّى بوش، بعد إفطار مع بترايوس وكروكر في البيت الأبيض، كامل توصياتهما «بمتابعة إعادة القوات إلى الوطن كما هو مخطّط حتّى شهر تمّوز، لخفض الألوية من 20 إلى 15، (ليستقرّ العدد إلى نحو 130 ألف جندي)، وبعدها تمرّ فترة للتقويم». وعن مدّة هذه الفترة، لمّح إلى أنها ستكون طويلة، بما أنّه «سيكون لدى الجنرال بترايوس كامل الوقت الذي يحتاج إليه ليقرّر بشأن انسحابات أخرى».
وفي وصفه للتطوّر الحاصل في بلاد الرافدين، اعترف بوش بأنّ «مشاكل كبيرة لا تزال تواجهنا، لكن المهمّ أننا بتنا أصحاب المبادرة». وعارض، في مقابلة مع صحيفة «ويكلي ستاندرد»، استعمال كلمة «تجميد» لوصف القرار، قائلاً إن «تجميد هي الكلمة الخطأ، لأنك لا تجمّد في منتصف الحرب، إنك تستمر بقيادتها، لكن تقوّم. وآمل أننا نستطيع إكمال إعادة القوات المبني على النجاح، لكن هل أستطيع أن أضمن ذلك؟ كلا».
كلام بوش عن الدور الإيراني في العراق، جاء استكمالاً لخلاصات تقرير كروكر وبترايوس، فعرض «على نظام طهران الاختيار بين أن يعيشوا بسلام مع العراق وإقامة علاقات اقتصادية وثقافية ودينية قوية، أو أن يستمرّوا في تسليح وتدريب وتمويل الجماعات المسلّحة التي ترهب الشعب، فيرتدّون على إيران». وأشار إلى أنّه «إذا اتخذت إيران الخيار الصائب، فإن الولايات المتحدة ستشجع على إقامة علاقة سلمية بين إيران والعراق. ولكن إذا اتخذت الخيار الخاطئ، فإننا سنتحرك لحماية مصالحنا وقواتنا وشركائنا العراقيين».
وفي ردّها على التقرير الأميركي، أعلنت الحكومة العراقية، على لسان المتحدّث باسمها، علي الدباغ، أنّ «التقرير من وجهة نظر عراقية جيد ومهني، من قائد ميداني مطّلع بصورة مباشرة على تفاصيل الوضع الأمني في البلاد».
في هذا الوقت، شهدت معارك مدينة الصدر تصعيداً كبيراً، إثر الحصار المفروض عليها. وأوضح مسؤول التيار في المدينة، سلمان الفريجي، «اليوم تجري محاصرة ثلاثة ملايين شخص في مدينة الصدر، وهم ممنوعون من الخروج وجلب الطعام والمؤن». وهدّد الفريجي بإلغاء تجميد «جيش المهدي»، قائلاً: «نحن نطيع أوامر مقتدى الصدر، لكن إذا تواصلت أعمال العنف ضد العراقيين فإن الهدنة ستلغى بالتأكيد».
وفي السياق، دعا بترايوس إلى اعتماد مقاربة «حسّاسة جدّاً جدّاً» في التعامل مع التيار الصدري، «لكي لا يشعر هؤلاء الناس، بأنه تمت محاصرتهم في زاوية حيث لا خيارات». وعبّر عن خوف بلاده من أنّ «وقف إطلاق النار (الذي أعلنه جيش المهدي) مهدَّد، وذلك ليس من مصلحة أحد». وكانت المعارك المحتدمة منذ أيّام، قد أوقعت ما يناهز 100 قتيل، معظمهم من المدنيين، من بينهم 10 قتلوا بغارة أميركيّة أمس. وتزامن الحصار الأمني، مع حصار سياسي على الكتلة الصدرية، التي أكّد رئيسها، نصّار الربيعي، أنها لم تتبلغ باجتماع المجلس السياسي للأمن الوطني يوم الأحد الماضي، الذي عقد بحضور جميع الكتل السياسية باستثناء الصدريين. ورأى أنّ عدم تبليغ كتلته بهذا الاجتماع «يدل على صحة وجهة نظرنا باستهداف الخط الصدري».
إلى ذلك، كشف مصدر في مكتب نائب الرئيس طارق الهاشمي، أنّ الأخير استقبل «وفداً من التيار الصدري يضمّ الربيعي ومدير مكتب الصدر في الكاظمية حازم الأعرجي وفاضل الموسوي وزهير العقابي»، نقل إليه «رسالة خاصة» من الصدر، من دون ذكر أي تفاصيل عن مضمونها.
وعن مسألة حلّ «جيش المهدي»، التي قال الصدر إنها رهن قرار المرجعيات الدينية، أكد مصدر مقرب من المرجع علي السيستاني أنّه «لا يفاوض إلا السيد مقتدى الصدر شخصياً في موضوع حلّ» الميليشا الصدرية. وشدد المصدر على أن «موقف السيد السيستاني من موضوع الميليشيات واضح جداً، سابقاً وحالياً، وهو أن يكون السلاح حصراً بيد الدولة أو الحكومة المنتخَبة، ولم يتغير رأيه في هذا الموضوع حتى الآن».
إلى ذلك، سقط نحو 9 عراقيين، في أعمال عنف متفرقة في أنحاء العراق، فيما سقط جنديّان أميركيان، في محافظتي بغداد وصلاح الدين.