القاهرة ــ الأخبار«قلق» أميركي من «انتهاكات انتخابيّة» اعتبرتها القاهرة «مبنيّة على مغالطات»
تواصلت حتى ساعات متأخّرة من مساء أمس التحقيقات مع المنسّق العام المساعد لحركة «كفاية» جورج إسحاق، في ما وُصف بأنه «ماراثون» يستهدف جمع معلومات تفصيلية عن نشاط الحركة التي سبّبت إزعاجاً لنظام الرئيس حسني مبارك منذ نشأتها في ٢٠٠٥.
وفوجئ فريق المحامين، الذي يحضر التحقيقات مع إسحاق، بأن نيابة أمن الدولة العليا وجّهت لمنسّق «كفاية» 8 تهم هي: الاشتراك مع آخرين في تدبير تجمهر بغرض ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال والممتلكات العامة، واستعمال القوة والعنف بغرض التأثير على السلطات العامّة والتخريب العمدي للمباني والأملاك العامة، بقصد إشاعة الفوضى واستعمال القوة والعنف مع الموظفين العموميّين لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء أعمالهم، وتعطيل المواصلات والتحريض وتدبير أعمال العنف في المحلة الكبرى، في إشارة إلى إضراب الأسبوع الجاري.
مفاجأة اعتبرتها مصادر في الحركة أنّها «بداية خطّة لتجهيز قضيّة أمن دولة تحمّل كفاية مسؤولية ما حدث يومي ٦ و٧ نيسان». ولمّح محامو إسحاق إلى أنّ نيابة أمن الدولة تركّز على ما تقول إنها مصروفات واعتمادات مالية ضبطت أثناء حملة تفتيش بيت إسحاق.
وتخشى هذه المصادر من أن يكون اعتقال إسحاق، مقدّمة لتجهيز قائمة اعتقالات أخرى من نشطاء الحركة. وتشير إلى أنّ «النية مبيّتة لإلصاق تهمة العنف بالحركة التي قامت منذ بدايتها على المعارضة السلمية».
وأكّد محامو الحركة، في مؤتمر صحافي أمس، أنّ «أجهزة الأمن ستدسّ على المقبوض عليهم تهمة حيازة أجهزة متفجّرة، لتبرّر استخدامها للعنف المفرط الذي أدى إلى إصابات عنيفة للمتظاهرين في المحلة».
وكانت مستشفى مدينة المنصورة، على بعد ٢٥ كيلومتراً من المحلّة الكبرى، قد أعلنت وفاة قتيل جديد هو أحمد السيد حسن (20 عاماً)، قال التقرير الطبي إنّه فارق الحياة متأثراً برصاصة مطّاطية اخترقت رأسه.
إعلان الوفاة كاد أن يشعل الوضع مرة أخرى في المحلّة بعد يوم واحد من العودة المتدرجة للهدوء. لكنّ شهوداً عياناً أكّدوا أن قوات الأمن تتزايد أعدادها في المنطقة وأنّ التظاهر المتواصل انتقل إلى مرحلة اعتصام مفتوح أمام قسم الشرطة من أجل المطالبة بالإفراج عن المعتقلين.
كما نشرت مواقع إلكترونيّة نبأ القبض على صحافي أميركي اسمه جيمس باك أثناء حوارات كان يجريها مع أهالي المحلّة. ودعا نشطاء من حركات حقوق الإنسان وأساتذة جامعيون وصحافيون إلى زيارة المحلة صباح اليوم، لإعلان التضامن مع الأهالي والمعتقلين وإعلان رفض الحصار على المدينة من «جحافل الأمن المركزي».
في هذا الوقت، طالبت القاهرة الإدارة الأميركية بـ«عدم بناء أحكامها على ما يجرى في الشؤون الداخلية المصرية المبنيّة على مغالطات»، في ردّ على انتقادات واشنطن لسير العمليّة الانتخابيّة التي شهدتها مصر في مطلع الأسبوع، وفاز الحزب الوطني الحاكم بغالبية مقاعدها، وسط مقاطعة جماعة «الإخوان المسلمين» وعزوف نسبة كبيرة من الناخبين عن المشاركة فيها.
وكان البيت الأبيض قد عبّر عن قلقه من التقارير التي أشارت إلى حدوث العديد من الانتهاكات الانتخابية.
وقالت مصادر مصرية غير رسمية لـ«الأخبار» إنّ القاهرة «تشعر بامتعاض من تعليقات البيت الأبيض على طبيعة ما حدث خلال الانتخابات المحلية».
وفي السياق، أكّد سفير مصر لدى واشنطن، نبيل فهمي، أنّ علاقات بلاده السياسية والاقتصادية مع الولايات المتحدة لن تتأثّر بنتائج انتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة. وأضاف في تصريحات بثّتها وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية أنّ الولايات المتحدة «لا تتعامل مع مصر كدولة لها تاريخ عريق فقط، ولكن لتأثيرها الكبير على الرأي العام العربي ولكونها دولة مركزية وعدد سكانها يقدر بربع عدد سكان منطقة الشرق الأوسط».
وحدّد فهمي الطلبات المصرية في دعم السياسات الاستراتيجية على المستوى الاقتصادي والسياسي، وخاصة في ما يتعلق بقضية السلام في الشرق الأوسط والوضع في العراق والمساعدة في مواجهة «الإرهاب» ووضع تعريف محدَّد له.
وأعرب بيان لوزارة الخارجية الأميركية عن «القلق إزاء التقارير الواردة التي تفيد بأنّ انتخابات المجالس المحلية شابتها انتهاكات انتخابية على نطاق واسع». وقال البيان «نعتقد أن أبناء الشعب المصري يستحقون أن تتاح لهم الفرصة للتعبير عن آرائهم بصورة سلمية عن طريق صناديق الاقتراع. وينبغي أن يكونوا قادرين على الإدلاء بأصواتهم دون خوف من ترهيب».