strong>اغتيال كبير مساعدي الصدر يهدّد بتمدّد العنف و«المجلس الأعلى» يتّهم مساعدي مقتدى بغداد ـــ الأخبار
حدث أمني كبير هزّ العراق أمس، يُخشى أن يؤدّي إلى تصاعد «نوعي» للاقتتال الشيعي ــ الشيعي المندلع أصلاً منذ فترة بين التيّار الصدري، ومن بقي في صفوف الائتلاف العراقي الموحّد، أي حزب الدعوة الإسلاميّة والمجلس الإسلامي الأعلى. اغتيال أقرب المقرّبين من السيّد مقتدى الصدر، مدير مكتبه في النجف رياض النوري، خطف الاهتمام من تصريحات السفير الأميركي لدى بغداد، ريان كوكر، الذي خفّف من حدّة اللهجة التي كان قد تبنّاها قبل يومين هو وقائد قوات بلاده في بلاد الرافدين ديفيد بيترايوس ومن بعدهما رئيسهما جورج بوش، تجاه إيران، مؤكداً استبعاد واشنطن للحرب وانتظارها موعد المفاوضات الثلاثية الأميركيّة ــ الإيرانيّة ــ العراقيّة بشأن أمن العراق.
في هذا الوقت، استمرّت المعارك الدامية في مدينة الصدر، كذلك المجازر الأميركيّة التي أودت بحياة 12 مدنيّاً.
وأوضحت مصادر في مكتب الصدر أنّ النوري «اغتيل بعد صلاة الجمعة أمام منزله في حي الفرات» في النجف. وهو من المساعدين الكبار لمقتدى الصدر، وتربطه به صلة قرابة عائليّة، وأحد المتَّهمين الرئيسيين في قضية اغتيال رجل الدين الشيعي، عبد المجيد الخوئي، الذي دخل العراق مع الاحتلال بعد أيام قليلة من سقوط بغداد في نيسان 2003.
حساسيّة الوضع تنبع من التخوّف من اندلاع موجة انتقاميّة جديدة من طرف أنصار التيّار الصدري الذين ينظرون إلى التصفيات التي تطاول صفوفهم، بمثابة حملة للتخلّص من ثقلهم الشعبي والسياسي لمصلحة منافسيهم على الساحة الشيعيّة.
وفي هذا الإطار، كان لافتاً اتّهام القيادي في «المجلس الإسلامي» و«فيلق بدر»، النائب جلال الصغير، بشكل غير مباشر، مساعدَي مقتدى الصدر، الشيخين أحمد الشيباني وصلاح العبيدي، باغتيال النوري. وبحسب بيان إلكتروني للصغير، فإنّ «السيد رياض النوري متصاهر مع السيد مقتدى الصدر ويعدّ أحد المعتدلين في التيار بعد خروجه من السجن، ويعد أحد العناصر التي كان لها الدور المشهود في تجنيب النجف الفتنة في الآونة الأخيرة، وكان يعيش منذ مدة صراعاً على النفوذ مع رأسي التشدد في التيار الصدري أحمد الشيباني وصلاح العبيدي». وأضاف «يُعتقد على نطاق واسع بأن عملية تصفية السيد رياض تأتي ضمن مخطط المتشددين للاستفراد بالتيار الصدري».
وخوفاً من تدهور الأوضاع، فرضت شرطة النجف حظراً كاملاً للتجوال في المدينة، فيما أعلن التيار الصدري الحداد ثلاثة أيام. كما طالب التيار، على لسان المتحدث باسمه صلاح العبيدي، الحكومة العراقية بـ«إجراء تحقيق عادل لكشف الجهات التي تقف وراء الحادث». ودعا العبيدي كل مناصري التيار إلى «ضبط النفس، لأن الاحتلال والأطراف السائرة في ركابه، يسعون إلى إثارة الأوضاع في البلاد»، وحمّلهم مسؤولية اغتيال النوري.
وفي السياق، أفاد سكان محليون في مدينة الصدر شرقي بغداد، للـ «الأخبار»، أن «آمرية جيش المهدي (التابع للصدر)، أذاعت بياناً عبر مكبرات الصوت في الجوامع والحسينيات، قالت فيه إن جيش المهدي يعاهد الصدر على أنه لن يسلّم سلاحه».
وفي واشنطن، أكّد وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أنّ قوّات بلاده لن تعتقل الصدر فيما لو أتتها الفرصة لفعل ذلك. وأضاف غيتس، في مؤتمر صحافي عقده في واشنطن، إنّه «سيكون مفاجأً لو قامت القوات الأميركية بذلك. إنه رمز سياسي مهم. نريد أن يكون ضمن العملية السياسية».
وكان رئيس الأركان المشتركة للجيش الأميركي، الأدميرال مايكل مولن، قد وصف الصدر، في المؤتمر الصحافي نفسه، بـ «اللغز»، موضحاً أن «الوجهة التي يسلكها، وماهيّة تأثيره على المدى الطويل، أمر لا يزال بحاجة إلى التحديد».
وكان القصف الجوّي الأميركي قد تجدّد على أحياء مدينة الصدر، ما أوقع 12 قتيلاً على الأقل، فيما تجددت الاشتباكات بين القوات العراقية و«جيش المهدي»، قرب منطقة القبلة غربي البصرة، أسفرت عن سقوط عدد غير محدد من القتلى والجرحى.
وفي تصريحات مناقضة للتحذيرات الأميركية لإيران، بسبب دورها «التدميري» في بلاد الرافدين، أكد كروكر أنّ «الإيرانيّين لن يسيطروا على العراق وبدأت (طهران) تشعر بوزر دعمها للميليشيات الشيعية»، وتابع «لإيران نفوذ محدود في العراق». وأضاف كروكر للصحافيّين قبيل مغادرته واشنطن، إنّه «لا أحد يتحدث عن حرب مع إيران». وأوضح أنه لا يزال «مستعداً ومنتظراً الاجتماع مع الإيرانيين، رغم تخلّفهم عن مواعيد مفاوضات سابقة».
وكان كروكر قد أكد، خلال شهادته أمام الكونغرس، أن إيران تسعى إلى «لبننة العراق»، حيث «تتغلغل في المجتمع»، مشيراً إلى أنها تمثّل «الخطر الأول» على المصالح الأميركية في بلاد الرافدين.
ميدانياً، سقط نحو 9 عراقيين بأعمال عنف متفرقة، ثلاثة منهم قضوا في صاروخ استهدف فندق فلسطين في بغداد. وعثرت الشرطة على أربع جثث مجهولة الهوية.