وضع ماويّو النيبال، أمس، الحجر الأساس لمفاجأة انتخابيّة كبيرة، في اقتراع وُصفَ بـ«التاريخي» للجمعيّة التأسيسيّة التي سيكون أوّل أدوارها، وضع دستور جديد للبلاد، ينهي حقبة امتدّت لـ 239 عاماً من حكم الملكيّة المطلقة.ففي الوقت الذي كانت جميع التوقّعات تشير إلى حلول الثوّار الماويّين في المركز الثالث خلف الحزب الشيوعي (الماركسي اللينيني الموحّد) وحزب المؤتمر النيبالي (الكونغرس)، أظهرت عمليات فرز الأصوات التي شملت نحو نصف الصناديق، حلول الماويّين في المركز الأول في أوّل انتخابات تشهدها الدولة الواقعة في جبال الهمالايا منذ تسعة أعوام، يليهم الحزب الشيوعي، ثمّ حزب المؤتمر النيبالي، ثمّ حزبان انفصاليّان من عرق الماديشي يناضلان لنيل حكم ذاتي لمنطقة تسمى تيراي.
ولهذه الانتخابات أهميّة سياسيّة داخليّة وإقليميّة كبيرة جداً. أهميّة تنبع من كونها تكرّس دخول الماويّين في العمليّة السياسيّة كاملاً، وذلك بعد عامين على توقيع اتفاق سلام أنهى كفاحاً قاده الماويّون طيلة عقد لإلغاء الملكيّة في هذه البلاد ذات الموقع الاستراتيجي لكونها واقعة بين الصين والهند. والتحدّي الأكبر يبقى ترقّب تعاطي الجيش النيبالي المحافظ، الذي يرفض استيعاب المقاتلين الماويين في صفوفه، وبالتالي يتخوّف المراقبون من عودة دعم الهند إلى الماويّين إذا استمرّت ممانعته إزاءهم.
ومهما تكن النتائج، فإنّ إلغاء الملكية بات موضع اتفاق أُبرم في كانون الأول الماضي بين سبعة أحزاب نيبالية والماويّين الذين لا يزالون مصنّفين على اللائحة الأميركية السوداء للتنظيمات الإرهابيّة.
والجمعيّة التأسيسية هذه، ستتألّف من 601 مقعد. ونظراً لأنّ الاقتراع يجري وفق نظام انتخابي يجمع بين النسبية والأكثريّة، فإنّ النتائج الكاملة لن تُعرَف قبل العشرين من الشهر الجاري.
وقال زعيم الماويين براتشاندا (الملقّب بـ«الشرس»): «هذه إرادة الشعب النيبالي في إرساء السلام، والتعدّدية والديموقراطيّة». وكرسالة طمأنة للجارين الهند والصين، قال براتشاندا: «إلى المجتمع الدولي، وخصوصاً الهند والصين، نقول سنسعى إلى علاقات جيدة معكم لإحلال الأمن والتنسيق بين النيبال وبينكم».
غير أنّ هناك إجماعاً يسود بين المراقبين على عدم استطاعة أي حزب من نيل الغالبيّة المطلقة في الجمعيّة التأسيسيّة.
وعن نزاهة العمليّة الانتخابيّة، قال الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، الذي يرأس الفريق الدولي من المراقبين لسير العمليّة: «إنها أهم انتخابات أتابعها من بين 70 عمليّة انتخابية في العالم، لأنها تنهي حقبة من العنف وتطلق تحوّل هذه الدولة من حقبة المملكة الهندوسيّة إلى الجمهورية الديموقراطيّة».
(أ ب، أ ف ب، رويترز)